قوله ﴿وآمنوا بما نُزِّلَ على محمد﴾ مع أن قوله آمنوا وعملوا الصالحات أفاد هذا المعنى فما الحكمة فيه وكيف وجهه ؟ فنقول : أما وجهه فبيانه من وجوه الأول : قوله ﴿والذين ءَامَنُواْ﴾ أي بالله ورسوله واليوم الآخر، وقوله ﴿وآمنوا بما نزل﴾ أي بجميع الأشياء الواردة في كلام الله ورسوله تعميم بعد أمور خاصة وهو حسن، تقول خلق الله السموات والأرض وكل شيء إما على معنى وكل شيء غير ما ذكرنا وإما على العموم بعد ذكر الخصوص الثاني : أن يكون المعنى آمنوا وآمنوا من قبل بما نزل على محمد وهو الحق المعجز الفارق بين الكاذب والصادق يعني آمنوا أولاً بالمعجز وأيقنوا بأن القرآن لا يأتي به غير الله، فآمنوا وعملوا الصالحات والواو للجمع المطلق، ويجوز أن يكون المتأخر ذكراً متقدماً وقوعاً، وهذا كقول القائل آمن به، وكان الإيمان به واجباً، أو يكون بياناً لإيمانهم كأنهم ﴿وآمنوا بما نُزِّلَ على محمد﴾ أي آمنوا وآمنوا بالحق كما يقول القائل خرجت وخرجت مصيباً أي وكان خروجي جيداً حيث نجوت من كذا وربحت كذا فكذلك لما قال آمنوا بين أن إيمانهم كان أمر الله وأنزل الله لا بما كان باطلاً من عند غير الله الثالث : ما قاله أهل المعرفة، وهو أن العلم العمل والعمل العلم، فالعلم يحصل ليعمل به لما جاء : إذا عمل العالم العمل الصالح علم ما لم يكن يعلم، فيعلم الإنسان مثلاً قدرة الله بالدليل وعلمه وأمره فيحمله الأمر على الفعل ويحثه عليه علمه فعلمه بحاله وقدرته على ثوابه وعقابه، فإذا أتى بالعمل الصالح علم من أنواع مقدورات الله ومعلومات الله تعالى ما لم يعلمه أحد إلا باطلاع الله عليه وبكشفه ذلك له فيؤمن، وهذا هو المعنى في قوله


الصفحة التالية
Icon