وهذه الآية محكَمة عند عامَّة العلماء.
وممَّن ذهب إِلى أنَّ حُكم المَنِّ والفداء باقٍ لم يُنْسَخ : ابنُ عمر، ومجاهدٌ، والحسنُ، وابنُ سيرين، وأحمدُ، والشافعيُّ.
وذهب قوم إلى نسخ المَنِّ والفداء بقوله :﴿ فاقْتُلوا المشركين حيثُ وجدتموهم ﴾، وممن ذهب إلى هذا ابن جريج، والسدي وأبو حنيفة.
وقد أشرنا إِلى القولين في [ براءة : ٥ ].
قوله تعالى :﴿ حتَّى تَضَعَ الحربُ أوزارَها ﴾ قال ابن عباس : حتى لا يبقى أحد من المشركين.
وقال مجاهد : حتى لا يكون دِينُ إِلاّ دين الإِسلام.
وقال سعيد بن جبير : حتى يخرُج المسيح.
وقال الفراء : حتى لا يبقى إلاّ مُسْلِم أو مُسالِم.
وفي معنى الكلام قولان :
أحدهما : حتى يضعَ أهلُ الحرب سلاحَهم ؛ قال الأعشى :
وَأًَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ أَوْزَارَهَا...
رِمَاحاً طِوَالاً وَخَيْلاً ذُكُوراَ
وأصل " الوِزْرِ " ما حملته، فسمّى السلاح " أوزاراً " لأنه يُحْمل، هذا قول ابن قتيبة.
والثاني : حتى تضعَ حربُكم وقتالكم أوزارَ المشركين وقبائح أعمالهم بأن يُسْلِموا ولا يعبُدوا إِلاَّ الله، ذكره الواحدي.
قوله تعالى :﴿ ذلك ﴾ أي : الأمر ذلك الذي ذَكَرْنا ﴿ ولو يشاء اللهُ لانْتَصَر منهم ﴾ بإهلاكهم أوتغذيتهم بما شاء ﴿ ولكنْ ﴾ أمركم بالحرب ﴿ لِيَبْلُو بعضَكم ببعض ﴾ فيُثيب المؤمن ويُكرمه بالشهادة، ويُخزي الكافر بالقتل والعذاب.
قوله تعالى :﴿ والذين قُتِلُوا ﴾ قرأ أبو عمرو، وحفص عن عاصم :﴿ قٌتِلُوا ﴾ بضم القاف وكسر التاء ؛ والباقون :﴿ قاتَلُوا ﴾ بألف.
قوله تعالى :﴿ سيَهدِيهم ﴾ فيه أربعة أقوال :
أحدها : يَهديهم إِلى أرشد الأمور، قاله ابن عباس.
والثاني : يحقق لهم الهداية، قاله الحسن.
والثالث : إِلى مُحاجَّة منكَر ونكير.
والرابع : إِلى طريق الجنة، حكاهما الماوردي.
وفي قوله :﴿ عرَّفها لهم ﴾ قولان :