الله على قُلُوبِ الكافرين} [ الأعراف : ١٠١ ]، والأول : يؤكده قوله تعالى :﴿وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شياطينهم قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءونَ﴾ [ البقرة : ١٤ ].
والثاني : يؤكده قوله تعالى :﴿قَالَتِ الأعراب ءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِى قُلُوبِكُمْ﴾ [ الحجرات : ١٤ ] وقوله ﴿ءانِفاً﴾ قال بعض المفسرين : معناه الساعة، ومنه الاستئناف وهو الابتداء، فعلى هذا فالأولى أن يقال يقولون ماذا قال آنفاً بمعنى أنهم يستعيدون كلامه من الابتداء، كما يقول المستعيد للمعيد : أعد كلامك من الابتداء حتى لا يفوتني شيء منه.
ثم قال تعالى :﴿أُوْلَئِكَ الذين طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ واتبعوا أَهْوَاءهُمْ ﴾.
أي تركوا اتباع الحق إما بسبب عدم الفهم، أو بسبب عدم الاستماع للاستفادة واتبعوا ضده
وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (١٧)
لما بيّن الله تعالى أن المنافق يستمع ولا ينتفع، ويستعيد ولا يستفيد، بين أن حال المؤمن المهتدي بخلافه، فإنه يستمع فيفهم، ويعمل بما يعلم، والمنافق يستعيد، والمهتدي يفسر ويعيد، وفيه فائدتان إحداهما : ما ذكرنا من بيان التباين بين الفريقين وثانيهما : قطع عذر المنافق وإيضاح كونه مذموم الطريقة، فإنه لو قال ما فهمته لغموضه وكونه معمى، يرد عليه ويقول ليس كذلك، فإن المهتدي فهم واستنبط لوازمه وتوابعه، فذلك لعماء القلوب، لا لخفاء المطلوب وفيه مسائل :
المسألة الأولى :