وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَيَقُولُ الذين آمَنُواْ ﴾
أي المؤمنون المخلصون.
﴿ لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ ﴾ اشتياقا للوَحْي وحرصاً على الجهاد وثوابه.
ومعنى "لَوْلاَ" هلا.
﴿ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ ﴾ لا نسخ فيها.
قال قتادة : كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي مُحْكمة، وهي أشدّ القرآن على المنافقين.
وفي قراءة عبد الله "فَإذَا أنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْدَثَةٌ" أي محدثة النزول.
﴿ وَذُكِرَ فِيهَا القتال ﴾ أي فرض فيها الجهاد.
وقرىء "فَإذَا أنْزِلَتْ سُورَةٌ وذَكَر فِيهَا الْقِتَالَ" على البناء للفاعل ونصب القتال.
﴿ رَأَيْتَ الذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾ أي شك ونفاق.
﴿ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المغشي عَلَيْهِ مِنَ الموت ﴾ أي نظر مغموصين مغتاظين بتحديد وتحديق ؛ كمن يشخص بصره عند الموت ؛ وذلك لجبنهم عن القتال جزعاً وهلعاً، ولميلهم في السر إلى الكفار.
قوله تعالى :﴿ فأولى لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ ﴾ "فَأَوْلَى لَهُمْ" قال الجوهريّ : وقولهم : أَوْلَى لَكَ، تهديد ووعيد.
قال الشاعر :
فأوْلَى ثم أَوْلَى ثم أَوْلَى...
وهل لِلدَّرِّ يُحْلَبُ من مَرَدِّ
قال الأصمعي : معناه قارَبَه ما يُهْلكه ؛ أي نزل به.
وأنشد :
فعادَى بين هادِيَتَيْن منها...
وأوْلَى أن يزيد على الثلاث
أي قارب أن يزيد.
قال ثعلب : ولم يقل أحد في "أَوْلَى" أحسن مما قال الأصمعي.
وقال المُبَرِّد : يقال لمن هَمّ بالعَطَب ثم أفْلَت : أوْلى لك ؛ أي قاربت العطب.
كما رُوِي أن أعرابيًّا كان يوالي رَمْيَ الصيد فيُفْلِت منه فيقول : أوْلى لك.
ثم رمى صيداً فَقاربه ثم أفلت منه فقال :
فلو كان أوْلَى يُطعِم القومَ صِدْتُهم...
ولكنّ أوْلَى يَتْرُكُ القومَ جُوَّعَا


الصفحة التالية
Icon