وابن عمير ﴿ وَذَكَرَ ﴾ مبنياً للفاعل وهو ضميره تعالى ﴿ القتال ﴾ بالنصب على أنه مفعول به ﴿ رَأَيْتَ الذين فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾ أي نفاق، وقيل : ضعف في الدين ﴿ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المغشى عَلَيْهِ مِنَ الموت ﴾ أي نظر المحتضر الذي لا يطرف بصره، والمراد تشخص أبصارهم جبناً وهلعاً، وقيل : يفعلون ذلك من شدة العداوة له عليه الصلاة والسلام، وقيل : من خشية الفضيحة فإنهم إن تخلفوا عن القتال افتضحوا وبأن نفاقهم، وقال الزمخشري : كانوا يدعون الحرص على الجهاد ويتمنونه بألسنتهم ويقولون : لولا أنزلت سورة في معنى الجهاد فإذا أنزلت وأمروا فيها بما تمنوا وحرصوا عليه كاعوا وشق عليهم وسقط في أيديهم كقوله تعالى :﴿ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتال إِذَا فِرْقٍ مّنْهُمْ يَخْشَوْنَ الناس ﴾ [ النساء : ٧٧ ] والظاهر ما ذكرناه أولاً من أن القائلين هم الذين أخلصوا في ايمانهم وإنما عرا المنافقين ما عرا عند نزول أمر المؤمنين بالجهاد لدخولهم فيهم بحسب ظاهر حالهم، وقد جوز هو أيضاً أرادة الخلص من الذين آمنوا لكن كلامه ظاهر في ترجح ما ذكره أولاً عنده والظاهر أن في الكلام عليه إقامة الظاهر مقام المضمر، وجوز أن يكون المطلوب في قوله تعالى :﴿ لَوْلاَ أُنزِلَتْ سُورَةٌ ﴾ إنزال سورة مطلقاً حيث كانوا يستأنسون بالوحي ويستوحشون إذا أبطأ، وروى نحوه عن ابن جريج.
أخرج ابن المنذر عنه أنه قال في الآية : كان المؤمنون يشتاقون إلى كتاب الله تعالى وإلى بيان ما ينزل عليهم فيه فإذا نزلت السورة يذكر فيها القتال رأيت يا محمد المنافقين ينظرون إليك الخ.
﴿ فأولى لَهُمْ ﴾ تهديد ووعيد على ما روى عن غير واحد، وعن أبي علي أن ﴿ أُوْلِى ﴾ فيه علم لعين الويل مبني على زنة أفعل من لفظ الويل على القلب وأصله أويل وهو غير منصرف للعلمية والوزن، فالكلام مبتدأ وخبر.