وقال القرطبى :
﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (٢٢) ﴾
فيه أربع مسائل :
الأولى قوله تعالى :﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ ﴾ اختلف في معنى "إِنْ تَوَلَّيْتُمْ" فقيل : هو من الوِلاية.
قال أبو العالية : المعنى فهل عسيتم إن توليتم الحكم فجعِلتم حكاماً أن تفسدوا في الأرض بأخذ الرُّشَا.
وقال الكلبيّ : أي فهل عسيتم إن توليتم أمر الأمة أن تفسدوا في الأرض بالظلم.
وقال ابن جريج : المعنى فهل عسيتم إن توليتم عن الطاعة أن تفسدوا في الأرض بالمعاصي وقطع الأرحام.
وقال كعب : المعنى فهل عسيتم إن توليتم الأمر أن يقتل بعضكم بعضاً.
وقيل : من الإعراض عن الشيء.
قال قتادة : أي فهل عسيتم إن توليتم عن كتاب الله أن تفسدوا في الأرض بسفك الدماء الحرام، وتقطعوا أرحامكم.
وقيل :"فَهَلْ عَسَيْتُمْ" أي فلعلكم إن أعرضتم عن القرآن وفارقتم أحكامه أن تفسدوا في الأرض فتعودوا إلى جاهليتكم.
وقرىء بفتح السين وكسرها.
وقد مضى في "البقرة" القول فيه مستوفى.
وقال بكر المزني : إنها نزلت في الحَرُوريّة والخوارج ؛ وفيه بُعْدٌ.
والأظهر أنه إنما عُني بها المنافقون.
وقال ابن حيان : قريش.
ونحوه قال المسيّب بن شريك والفرّاء، قالا : نزلت في بني أمية وبني هاشم ؛ ودليل هذا التأويل ما روى عبد الله بن مُغَفّل قال سمعت النبيّ ﷺ يقول :" "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي اْلأَرْضِ" ثم قال هم هذا الحيّ من قريش أخذ الله عليهم إن وَلُوا الناس ألاّ يفسدوا في الأرض ولا يقطعوا أرحامهم" " وقرأ عليّ بن أبي طالب "إِنْ تُوُلِّيتُم أَنْ تُفْسِدُوا فِي اْلأَرْضِ" بضم التاء والواو وكسر اللام.
وهي قراءة ابن أبي إسحاق، ورواها رُوَيْس عن يعقوب.
يقول : إن وليتكم ولاة جائرة خرجتم معهم في الفتنة وحاربتموهم.