وذلك يوجب القتال.
وبالجملة فالرحم على وجهين : عامة وخاصة ؛ فالعامة رحِم الدين، ويجب مواصلتها بملازمة الإيمان والمحبة لأهله ونصرتهم، والنصيحة وترك مضارتهم والعدل بينهم، والنَّصَفة في معاملتهم والقيام بحقوقهم الواجبة ؛ كتمريض المرضى وحقوق الموتى مِن غسلهم والصلاة عليهم ودفنهم، وغير ذلك من ( الحقوق ) المترتبة لهم.
وأما الرحم الخاصة وهي رحم القرابة من طرفي الرجل أبيه وأمه، فتجب لهم الحقوق الخاصة وزيادة ؛ كالنفقة وتفقد أحوالهم، وترك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم ؛ وتتأكد في حقهم حقوق الرحم العامة، حتى إذا تزاحمت الحقوق بدىء بالأقرب فالأقرب.
وقال بعض أهل العلم : إن الرحم التي تجب صلتها هي كل رَحِم مَحْرَم، وعليه فلا تجب في بني الأعمام وبني الأخوال.
وقيل : بل هذا في كل رحم ممن ينطلق عليه ذلك من ذوي الأرحام في المواريث، مَحْرَماً كان أو غير محرم.
فيخرج من هذا أن رحم الأم التي لا يتوارث بها لا تجب صلتهم ولا يحرم قطعهم.
وهذا ليس بصحيح، والصواب أن كل ما يشمله ويعمه الرحم تجب صلته على كل حال، قربةً ودينية ؛ على ما ذكرناه أولاً والله أعلم.
وقد روى أبو داود الطيالسي في مسنده قال : حدثنا شعبة قال أخبرني محمد بن عبد الجبار قال سمعت محمد بن كعب القُرَظِي يحدّث عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :" إن للرحم لساناً يوم القيامة تحت العرش يقول يا رب قُطعتُ يا رب ظُلمت يا رب أُسِيء إليّ فيجيبها ربُّها ألا تَرْضَيْن أن أصل مَن وصلكِ وأقطع مَن قطعكِ " وفي صحيح مسلم عن جُبير بن مُطْعِم عن النبيّ ﷺ قال :" لا يدخل الجنة قاطع " قال ابن أبي عمر قال سفيان : يعني قاطع رحِم.
ورواه البخاري.
الرابعة قوله عليه السلام :" إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم...
" "خلق" بمعنى اخترع وأصله التقدير ؛ كما تقدّم.
والخلق هنا بمعنى المخلوق.


الصفحة التالية
Icon