قالوا ما لم يعتقدوا، فأمالوا كلامهم حيث قالوا ﴿نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ والله يَشْهَدُ إِنَّ المنافقين لكاذبون﴾ [ المنافقون : ١ ] وقالوا ﴿إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ﴾ [ الأحزاب : ١٣ ]، ﴿وَلَقَدْ كَانُواْ عاهدوا الله مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الأدبار﴾ [ الأحزاب : ١٥ ] إلى غير ذلك وثالثها : في لحن القول أي في الوجه الخفي من القول الذي يفهمه النبي عليه السلام ولا يفهمه غيره، وهذا يحتمل أمرين أيضاً والنبي عليه السلام كان يعرف المنافق ولم يكن يظهر أمره إلى أن أذن الله تعالى له في إظهار أمرهم ومنع من الصلاة على جنائزهم والقيام على قبورهم، وأما قوله ﴿بسيماهم﴾ فالظاهر أن المراد أن الله تعالى لو شاء لجعل على وجوههم علامة أو يمسخهم كما قال تعالى :﴿وَلَوْ نَشَاء لمسخناهم﴾ [ ياس : ٦٧ ] وروي أن جماعة منهم أصبحوا وعلى جباههم مكتوب هذا منافق، وقوله تعالى :﴿والله يَعْلَمُ أعمالكم﴾ وعد للمؤمنين، وبيان لكون حالهم على خلاف حال المنافق، فإن المنافق كان له قول بلا عمل، والمؤمن كان له عمل ولا يقول به، وإنما قوله التسبيح ويدل عليه قوله تعالى :
﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ] وقوله ﴿رَبَّنَا فاغفر لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفّرْ عَنَّا سيئاتنا﴾ [ آل عمران : ١٩٣ ] وكانوا يعملون الصالحات ويتكلمون في السيئات مستغفرين مشفقين، والمنافق كان يتكلم في الصالحات كقوله ﴿إِنَّا مَعَكُمْ﴾ [ البقرة : ١٤ ] ﴿قَالَتِ الأعراب ءَامَنَّا﴾ [ الحجرات : ١٤ ]، ﴿وَمِنَ الناس مَن يَقُولُ ءَامَنَّا﴾ [ البقرة : ٨ ] ويعمل السيء فقال تعالى الله يسمع أقوالهم الفارغة ويعلم أعمالكم الصالحة فلا يضيع. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٨ صـ ٥٩ ـ ٦١﴾