الخامس : كما أن قوله :﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ﴾ لا يطلق على الواجب، فكذلك لا يطلق على المندوب، ولا شك في أن السعي مندوب، فقد صارت الآية متروكة العمل بظاهرها.
وأما التمسك بقوله :﴿فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ فضعيف، لأن هذا لا يقتضي أن يكون المراد من هذا التطوع هو الطواف المذكور أولاً، بل يجوز أن يكون المقصود منه شيئاً آخر قال الله تعالى :﴿وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة : ١٨٤] ثم قال :﴿فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ﴾ [البقرة : ١٨٤] فأوجب عليهم الطعام، ثم ندبهم إلى التطوع بالخير فكان المعنى : فمن تطوع وزاد على طعام مسكين كان خيراً، فكذا ههنا يحتمل أن يكون هذا التطوع مصروفاً إلى شيء آخر وهو من وجهين.
أحدهما : أنه يزيد في الطواف فيطوف أكثر من الطواف الواجب مثل أن يطوف ثمانية أو أكثر.
الثاني : أن يتطوع بعد حج الفرض وعمرته بالحج والعمرة مرة أخرى حتى طاف بالصفا والمروة تطوعاً وأما الحديث الذي تمسكوا به فنقول : ذلك الحديث عام وحديثنا خاص والخاص مقدم على العام، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١ صـ ١٤٤ ـ ١٤٦﴾