وقال الخازن :
قوله عز وجل :﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى﴾ نزلت في علماء اليهود الذين كتموا صفة محمد ـ ﷺ ـ وآية الرجم وغيرها من الأحكام التي كانت في التوراة. وقيل : إن الآية على العموم فيمن كتم شيئاً من أمر الدين لأن اللفظ عام والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. أ هـ
﴿تفسير الخازن حـ ١ صـ ١٣٣﴾
وقد رجح الإمام فخر الدين الرازى أن الآية تتناول كل من كتم شيئاً من الدين واستدل له بوجوه :
أحدها : أن اللفظ عام والعارض الموجود، وهو نزوله عند سبب معين لايقتضي الخصوص على ما ثبت في أصول الفقه أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وثانيها : أنه ثبت أيضاً في أصول الفقه أن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بكون الوصف علة لذلك الحكم لا سيما إذا كان الوصف مناسباً للحكم، ولا شك أن كتمان الدين يناسبه استحقاق اللعن من الله تعالى، وإذا كان هذا الوصف علة لهذا الحكم وجب عموم هذا الحكم عند عموم الوصف.
وثالثها : أن جماعة من الصحابة حملوا هذا اللفظ على العموم، وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : من زعم أن محمداً عليه الصلاة والسلام كتم شيئاً من الوحي فقد أعظم الفرية على الله، والله تعالى يقول :﴿إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ البينات والهدى﴾ فحملت الآية على العموم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لولا آيتان من كتاب الله ما حدثت حديثاً بعد أن قال الناس : أكثر أبو هريرة. وتلا :﴿إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ البينات والهدى﴾.
أهـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٤ صـ ١٤٨﴾
قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ :
هذا وعيد شديد لمن كتم ما جاءت به الرسلُ من الدلالات البينة على المقاصد الصحيحة والهدى النافع للقلوب، من بعد ما بينه الله - تعالى -لعباده في كتبه، التي أنزلها على رسله.
قال أبو العالية :