فوائد وفرائد نفيسة
قال العلامة الطاهر ابن عاشور :
واللعن الإبعاد عن الرحمة مع إذلال وغضب، وأثره يظهر في الآخرة بالحرمان من الجنة وبالعذاب في جهنم، وأما لعن الناس إياهم فهو الدعاء منهم بأن يبعدهم الله عن رحمته على الوجه المذكور، واختير الفعل المضارع للدلالة على التجدد مع العلم بأنه لعنهم أيضاً فيما مضى إذ كل سامع يعلم أنه لا وجه لتخصيص لعنهم بالزمن المستقبل. وكذلك القول في قوله :﴿ويلعنهم اللاعنون﴾، وكرر فعل ﴿يلعنهم﴾ مع إغناء حرف العطف عن تكريره لاختلاف معنى اللعنين فإن اللعن من الله الإبعاد عن الرحمة واللعن من البشر الدعاء عليهم عكس ما وقع في ﴿إن الله وملائكته يصلون﴾ [الأحزاب : ٥٦] لأن التحقيق أن صلاة الله والملائكة واحدة وهي الذكر الحسن.
والتعريف في :﴿اللاعنون﴾ للاستغراق وهو استغراق عرفي أي يلعنهم كل لاعن، والمراد باللاعنين المتدينون الذين ينكرون المنكر وأصحابَه ويغضبون لله تعالى ويطلعون على كتمان هؤلاء فهم يلعنونهم بالتعيين وإن لم يطلعوا على تعيينهم فهم يلعنونهم بالعنوان العام أي حين يلعنون كل من كتم آيات الكتاب حين يتلون التوراة. ٦ ولقد أخذ الله الميثاق على بني إسرائيل أن يبينوا التوراة ولا يخفوها كما قال :﴿وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه﴾ [آل عمران : ١٨٧].