وقال أبو بَكْرٍ الرَّازِيُّ - رَضِيَ اللَّه عنه - : الآيَةُ الكريمة تدلُّ على أنَّ للمسلِمِين لعن مَنْ مات كَافِراً، وَأَنَّ زوالَ التكْليف عَنْه بالمَوْتِ لا يُسْقِطُ عَنْه اللَّعْنة ؟ لأنَّ قوله تعالى :" وَالنَّاس أَجْمَعِينَ " أمرٌ لَنَا بلَعْنِهِ بَعْدَ مَوته ؛ وَهَذَا يدلُّ على أنَّ الكافر، لَوْ جُنَّ، لم يَكُنْ زَوَالُ التَّكْلِيفِ عَنْه مُسْقِطاً اللَّعْنةَ والبَرَاءة منْهُ، وكذلك السَّبيلُ فيما يُوجِبُ المَدْحَ والموالاَةَ مِنَ الإِيمَان والصَّلاح، فَمَوْتُ مَنْ كان كذلك أو [جنونُهُ لا يغيِّر] حكْمَهُ عَمَّا كان علَيْه قَبْلَ حُدُوث الحَالِ به. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٣ صـ ١١٠ ـ ١١١﴾
فصل في هل يجوز لعن الكافر المعين
قال ابْنُ الْعَرَبيِّ : قَالَ لِي كثيرُ مِنْ أشْيَاخِي : إنَّ الكافرَ المُعَيَّن لا يجوزُ لَعْنُهُ ؛ لأنَّ حاله عنْد المُوَافَاةِ لا تُعْلَمُ، وقَدْ شَرَط اللَّه تعالى في هذه الآية الكريمة في إطْلاَقِ اللَّعْنَةِ : المُوافَاةَ عَلَى الكُفْر.
وأمَّا ما رُويَ عَنِ النبيِّ - ـ ﷺ ـ وعَلَى آلِهِ وسلَّم، وشَرَّفَ وكَرَّمَ، ومَجَّدَ، وَبَجَّلَ وعَظَّم - أَنَّه لَعَنَ أَقْوَاماً بأعْيَانِهِمْ مِن الكُفَّار، فَإِنما كان ذَلِكَ ؛ لِعِلْمِهِ بمآلِهِمْ.
قال ابْنُ العَرَبِيِّ : والصحيحُ عنْدِي : جوازُ لَعْنِهِ ؛ لظاهر حَالِهِ، ولجواز قَتْله وقتَالِهِ.