إذن فأي إنسان يذنب ذنبا لابد أن يصلح هذا الذنب من جنس ما فعل، فإن فعل ذنبا سرا فيكفيه أن يتوب سرا، أما إن كسر حدود الله علنا، فنقول له : لا يستقيم أبدا أن تعصي الله علنا أمام الناس وتكون أسوة سيئة لأناس تجعلهم يتجرأون ولذلك فالمثل العامي يقول :" تضربني في شارع وتصالحني في حارة". إن الذي يكسر حدا من حدود الله أمام الناس جميعا، ولذلك نحن ندرأ الحدود بالشبهات، لكن الذي يتباهى بأنه ارتكب الذنب لا نتركه، مثلا الذي شهد عليه أربعة بأنه ارتكب ذنبا من الكبائر كالزنى، لقد ظل يفعل الذنب باستهتار إلى أن شهد عليه أربعة، هل يعقل أن نقول له : ندرأها بالشبهات ؟. لا. هو كسر الحد علنا فوجبت معاقبته بإقامة الحد.
وأما الذين تابوا وأصلحوا ما أفسدوه وبينوا للناس ما كتموه فجزاؤهم توبة من الله. ومن لطف الله بالإنسان أن شرع التوبة حتى يشعر الناس بالذنب، وجعلها من فعل التائب ؛ ومن فعل قابل التوبة، وهو الله سبحانه فقال :" تابوا" و" أتوب"، كل ذلك حتى لا يستشعر الإنسان عندما يرتكب ذنبا ويتوب أنها مسألة مستعصية، إن الحق يقول : فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم" إنه سبحانه يتوب على من تاب عن الذنب ويتوب عن المذنبين جميعا، فهو تعالى " تواب" وهي كلمة تعني المبالغة في الصفة.
ويقول الحق بعد ذلك :
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١) }. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ٦٧٣ ـ ٦٧٩﴾