الجواب : قال القاضي : إنه تعالى لم يضف هذه المصيبة إلى نفسه بل عمم وقال :﴿الذين إِذَا أصابتهم مُّصِيبَةٌ﴾ فالظاهر أنه يدخل تحتها كل مضرة ينالها من قبل الله تعالى، وينالها من قبل العباد، لأن في الوجهين جميعاً عليه تكليفاً، وإن عدل عنه إلى خلافه كان تاركاً للتمسك بأدائه فالذي يناله من قبله تعالى يجب أن يعتقد فيه أنه حكمة وصواب وعدل وخير وصلاح وأن الواجب عليه الرضا به وترك الجزع وكل ذلك داخل تحت قوله :﴿إِنَّا لِلَّهِ﴾ لأن في إقرارهم بالعبودية تفويض الأمور إليه والرضا بقضائه فيما يبتليهم به، لأنه لا يقضي إلا بالحق كما قال تعالى :﴿والله يَقْضِى بالحق والذين يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَىْء﴾ [غافر : ٢٠] أما إذا نزلت به المصيبة من غيره فتكليفه أن يرجع إلى الله تعالى في الانتصاف منه وأن يكظم غيظه وغضبه فلا يتعدى إلى ما لا يحل له من شفعاء غيظه، ويدخل أيضاً تحت قوله :﴿إِنَّا لِلَّهِ﴾ لأنه الذي ألزمه سلوك هذه الطريقة حتى لا يجاوز أمره كأنه يقول في الأول، إنا الله يدبر فينا كيف يشاء، وفي الثاني يقول : إنا لله ينتصف لنا كيف يشاء. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٤صـ ١٤٠﴾
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ :" لَأَنْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ لِشَيْءٍ قَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ " أ هـ ﴿أحكام القرآن ـ للجصاص حـ ١ صـ ١١٦﴾