وروى الإمام أحمد بسنده عن أبي سنان قال : دفنت ابناً لي، وإني لفي القبر إذ أخذ بيدي أبو طلحة - يعني الخولانيّ - فأخرجني وقال : ألا أبشرك ؟ قال قلت : بلى. قال : حدثني الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب [ في المطبوع : عوزب ] عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله ﷺ :< قال الله تعالى : يا ملك الموت، قبضت ولد عبدي، قبضتَ قرة عينه وثمرة فؤاده ؟ قال : نعم. قال : فما قال ؟ قال : حمدك واسترجع. قال : ابنوا له بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد >. ورواه الترمذي وقال : حسن غريب.
وروى البخاري : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :< من يرد الله به خيراً يصب منه >. وروى الشيخان عن أبي سعيد وأبي هريرة عن النبي ﷺ قال :< ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حَزْن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه >.
ورويا أيضاً عن عبد الله قال : قال رسول الله ﷺ :< ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به عنه من سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها >.
والأحاديث في ذلك متوافرة معروفة في كتب السنة.
وللإمام عز الدين محمد بن عبد السلام، رحمه الله تعالى، كلام على فوائد المحن والرزايا يحسن إيراده هنا. قال عليه الرحمة : للمصائب والبلايا والمحن والرزايا فوائد تختلف باختلاف رتب الناس :
أحدها : معرفة عز الربوبية وقهرها.
والثاني : معرفة ذلة العبودية وكسرها، وإليه الإشارة بقوله تعالى :﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [ البقرة : ١٥٦ ]، اعترفوا بأنهم ملكه وعبيده، وأنهم راجعون إلى حكمه وتدبيره وقضائه وتقديره لا مفر لهم منه ولا محيد لهم عنه.


الصفحة التالية
Icon