أهله، وكذلك شتان بين أرزاق المجاهد وتزويده وخير الزاد التقوى في سبيله لجهاده وبين جوع المتخلف في عيلته - انتهى. ونكر الشيء وما بعده حثاً على الشكر بالإشارة إلى أن كل ما أصاب منها ففي قدرة الله ما هو أعظم منه، فعدم الإصابة به نعمة.
ولما كان الجوع قد يكون عن رياضة بين أنه عن حاجة بقوله :﴿ونقص﴾ وهو التقاصر عن الكفاف ﴿من الأموال﴾ أي النعم التي كانت منها أغذيتهم. قال الحرالي : لأن ذلك عرف استعمالهم في لفظ المال. وقال أيضاً : والمال ما هو للمتمول بمنزلة الجزء منه عنده لماله لذلك منه، فضاعف تعالى مثال البلاء في ذوات أنفسهم وأبدانهم ليقطع عنهم راحة تطلع الكفاية من الأموال في مقابلة ما ينال المجاهد من الغناء والرزق، فالمجاهد آمن في جيشه متزود في رحله غانم من عدوه، والمتخلف خائف في أهله جائع في عيلته ناقص المال من ذات يده - انتهى.
ولما كان ذلك قد يكون عن إفراط في الكثرة قال :﴿والأنفس﴾ قال الحرالي : فيه إشعار بأن من جاهد كثر عدده ونما ولده، وأن من تكاسل قل عدده ودرج خلفه، وفي ضمنه إشعار بمنال المتكاسل حواصد من جوارف الآجال من الوباء والطاعون وغيره - انتهى. وقال :﴿والثمرات﴾ التي هي نفس الأشجار التي بها قوام أنفس الأبدان تخصيصاً لها بالذكر، لأنها أعظم أموال الأنصار الذين هم من أخص الناس بهذا الذكر لا سيما في وقت نزول هذه الآيات وهو أول زمان الهجرة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٢٨٠ ـ ٢٨١﴾
سؤال : فإن قيل إنه تعالى قال :﴿واشكروا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة : ١٥٢] والشكر يوجب المزيد على ما قال :﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لازِيدَنَّكُمْ﴾ فكيف أردفه بقوله :﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الخوف﴾ ؟.


الصفحة التالية
Icon