فصل


قال الفخر :
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (٣١) ﴾
أي لنأمرنكم بما لا يكون متعيناً للوقوع، بل بما يحتمل الوقوع ويحتمل عدم الوقوع كما يفعل المختبر، وقوله تعالى :﴿حتى نَعْلَمَ المجاهدين﴾ أي نعلم المجاهدين من غير المجاهدين ويدخل في علم الشهادة فإنه تعالى قد علمه علم الغيب وقد ذكرنا ما هو التحقيق في الابتلاء، وفي قوله ﴿حتى نَعْلَمَ﴾ وقوله ﴿المجاهدين﴾ أي المقدمين على الجهاد ﴿والصابرين﴾ أي الثابتين الذين لا يولون الأدبار وقوله ﴿وَنَبْلُوَ أخباركم﴾ يحتمل وجوهاً أحدها : قوله ﴿آمنا﴾ [ البقرة : ٨ ] لأن المنافق وجد منه هذا الخبر والمؤمن وجد منه ذلك أيضاً، وبالجهاد يعلم الصادق من الكاذب، كما قال تعالى :﴿أولئك هُمُ الصادقون﴾ [ الحجرات : ١٥ ] وثانيها : إخبارهم من عدم التولية في قوله ﴿وَلَقَدْ كَانُواْ عاهدوا الله مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الأدبار﴾ [ الأحزاب : ١٥ ] إلى غير ذلك، فالمؤمن وفى بعهده وقاتل مع أصحابه في سبيل الله كأنهم بنيان مرصوص والمنافق كان كالهباء ينزعج بأدنى صيحة وثالثها : المؤمن كان له أخبار صادقة مسموعة من النبي عليه السلام كقوله تعالى :﴿لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام﴾ [ الفتح : ٢٧ ]، ﴿لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِي﴾ [ المجادلة : ٢١ ]، و ﴿إن جُندَنَا لَهُمُ الغالبون﴾ [ الصافات : ١٧٣ ] وللمنافق أخبار أراجيف كما قال تعالى في حقهم ﴿والمرجفون فِي المدينة﴾ [ الأحزاب : ٦٠ ] فعند تحقق الإيجاف، يتبين الصدق من الإرجاف.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (٣٢)


الصفحة التالية
Icon