فيه مسألتان :
الأولى قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرسول ﴾ لما بيّن حال الكفار أمر المؤمنين بلزوم الطاعة في أوامره والرسول في سننه.
﴿ وَلاَ تبطلوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ أي حسناتكم بالمعاصي ؛ قاله الحسن.
وقال الزُّهْرِي : بالكبائر.
ابن جريج : بالرياء والسمعة وقال مقاتل والثُّمَالِيّ : بالمَنّ ؛ وهو خطاب لمن كان يمنّ على النبي ﷺ بإسلامه.
وكله متقارب، وقول الحسن يجمعه.
وفيه إشارة إلى أن الكبائر تحبط الطاعات، والمعاصي تخرج عن الإيمان.
الثانية احتج علماؤنا وغيرهم بهذه الآية على أن التحلل من التطوّع صلاةً كان أو صوماً بعد التلبس به لا يجوز ؛ لأن فيه إبطال العمل وقد نهى الله عنه.
وقال من أجاز ذلك وهو الإمام الشافعي وغيره : المراد بذلك إبطال ثواب العمل المفروض ؛ فنهى الرجل عن إحباط ثوابه.
فأمّا ما كان نفلاً فلا ؛ لأنه ليس واجباً عليه.
فإن زعموا أن اللفظ عام فالعام يجوز تخصيصه.
ووجه تخصيصه أن النفل تطوّع، والتطوّع يقتضي تخييراً.
وعن أبي العالية كانوا يرون أنه لا يضر مع الإسلام ذنب ؛ حتى نزلت هذه الآية فخافوا الكبائر أن تحبط الأعمال.
وقال مقاتل : يقول الله تعالى إذا عصيتم الرسول فقد أبطلتم أعمالكم.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (٣٤)
بيّن أن الاعتبار بالوفاة على الكفر يوجب الخلود في النار.
وقد مضى في "البقرة" الكلام فيه.
وقيل : إن المراد بالآية أصحاب القَليب.
وحكمها عام.
فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (٣٥)
فيه ثلاث مسائل :
الأولى قوله تعالى :﴿ فَلاَ تَهِنُواْ ﴾ أي تضعفوا عن القتال.
والوهْن : الضعف.
وقد وَهَن الإنسانُ وَوَهَنَهُ غيره، يتعدّى ولا يتعدّى.
قال :