وقال الآلوسى :
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُم ﴾
بالأمر بالجهاد ونحوه من التكاليف الشاقة ﴿ حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين ﴾ على مشاق التكاليف علماً فعلياً يتعلق به الجزاء، وفي معناه ما قيل : أي حتى يظهر علمنا، وقال ابن الحاجب في ذلك : العلم يطلق باعتبار الرؤية والشيء لا يرى حتى يقع يعني على المشهور وهو هنا بمعنى ذلك أو بمعنى المجازاة، والمعنى حتى نجازي المجاهدين منكم والصابرين ﴿ وَنَبْلُوَ أخباركم ﴾ فيظهر حسنها وقبيحها، والكلام كناية عن بلاء أعمالهم فإن الخبر حسنه وقبيحه على حسب المخبر عنه فإذا تميز الحسن عن الخبر القبيح فقد تميز المخبر عنه وهو العمل كذلك، وهذا أبلغ من نبلو أعمالكم، والظاهر عموم الأخبار، وجوز كون المراد بها إخبارهم عن إيمانهم وموالاتهم للمؤمنين على أن إضافتها للعهد أي ونبلو أخبار إيمانكم وموالاتكم فيظهر صدقها وكذبها.
وقرأ أبو بكر الأفعال الثلاثة المسندة إلى ضمير العظمة بالياء، وقرأ رويس ﴿ وَنَبْلُوَ ﴾ بالنون وسكون الواو، والأعمش بسكونها وبالياء فالفعل مرفوع بضمة مقدرة بتقدير ونحن نبلو والجملة حالية، وجوز أن يكون منصوباً كما في قراءة الجمهور سكن للتخفيف كما في قوله :
أبى الله أن أسمو بأم ولا أب...
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (٣٢)