والمبرد من وترت الرجل إذا قتلت له قتيلاً من ولد أو أخ أو حميم أو سلبته ماله وذهبت به، قال الزمخشري : وحقيقته أفردته من قريبه أو ماله من الوتر وهو الفرد، فشبه إضاعة عمل العامل وتعطيل ثوابه بوتر الواتر وهو من فصيح الكلام، وفيه هنا من الدلالة على مزيد لطف الله تعالى ما فيه، ومنه قوله ﷺ :" من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " والظاهر على ما ذكره أنه لا بد من تضمين وترته معنى السلب ونحوه ليتعدى إلى المفعول الثاني بنفسه، وفي "الصحاح" أنه من الترة وحمله على نزع الخافض أي جعلته موتوراً لم يدرك ثاره في ذلك كأنه نقصه فيه وجعله نظير دخلت البيت أي فيه وهو سديد أيضاً.
وجوز بعضهم ﴿ يتر ﴾ ههنا متعدياً لواحد و﴿ يَعْلَمُ أعمالكم ﴾ بدل من ضمير الخطاب أي لن يتر أعمالكم من ثوابها.
والجملة قيل معطوفة على قوله تعالى :﴿ مَّعَكُمْ ﴾ وهي وإن لم تقع حالاً استقلالاً لتصديرها بحرف الاستقبال المنافي للحال على ما صرح به العلامة التفتازاني وغيره لكنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في غيره، وقيل : المانع من وقوع المصدرة بحرف الاستقبال حالاً مخالفته للسماع وإلا فلا مانع من كونها حالاً مقدرة مع أنه يجوز أن تكون ﴿ لَنْ ﴾ لمجرد تأكيد النفي، والظاهر أن المانعين بنو المنع على المنافاة وإنها إذا زالت باعتباراً أحد الأمرين فلا منع لكن قيل : إن الحال المقصود منها بيان الهيئة غير الحال الذي هو أحد الأزمنة والمنافاة إنما هي بين هذا الحال والاستقبال.
وهذا نظير ما قال مجوز ومجيء الجملة الماضية حالاً بدون قد، وما لذلك وما عليه في كتب النحو، وإذاجعلت الجملة قبل مستأنفة لم يكن إشكال في العطف أصلاً. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢٦ صـ ﴾