وقرأ الجمهور ﴿ وتقطعوا ﴾ بالتشديد على التكثير، وقرأ أبو عمرو في رواية عنه، وسلام، وعيسى، ويعقوب بالتخفيف من القطع، يقال : عسيت أن أفعل كذا، وعسيت بالفتح والكسر لغتان، ذكره الجوهري وغيره، وخبر ﴿ عسيتم ﴾ هو ﴿ أَن تُفْسِدُواْ ﴾، والجملة الشرطية بينهما اعتراض.
والإشارة بقوله :﴿ أولئك ﴾ إلى المخاطبين بما تقدّم وهو مبتدأ، وخبره :﴿ الذين لَعَنَهُمُ الله ﴾ أي : أبعدهم من رحمته، وطردهم عنها ﴿ فَأَصَمَّهُمْ ﴾ عن استماع الحق ﴿ وأعمى أبصارهم ﴾ عن مشاهدة ما يستدلون به على التوحيد والبعث، وحقية سائر ما دعاهم إليه رسول الله ﷺ، والاستفهام في قوله :﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرءان ﴾ للإنكار ؛ والمعنى : أفلا يتفهمونه، فيعلمون بما اشتمل عليه من المواعظ الزاجرة، والحجج الظاهرة، والبراهين القاطعة التي تكفي من له فهم وعقل، وتزجره عن الكفر بالله، والإشراك به، والعمل بمعاصيه ﴿ أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ أم هي المنقطعة، أي : بل أعلى قلوب أقفالها فهم لا يفهمون ولا يعقلون قال مقاتل : يعني الطبع على القلوب والأقفال استعارة لانغلاق القلب عن معرفة الحق، وإضافة الأقفال إلى القلوب ؛ للتنبيه على أن المراد بها : ما هو للقلوب بمنزلة الأقفال للأبواب، ومعنى الآية : أنه لا يدخل في قلوبهم الإيمان، ولا يخرج منها الكفر والشرك، لأن الله سبحانه قد طبع عليها، والمراد بهذه القلوب : قلوب هؤلاء المخاطبين.
قرأ الجمهور :﴿ أقفالها ﴾ بالجمع، وقرىء ( إقفالها ) بكسر الهمزة على أنه مصدر كالإقبال.
﴿ إِنَّ الذين ارتدوا على أدبارهم ﴾ أي : رجعوا كفاراً كما كانوا.
قال قتادة : هم كفار أهل الكتاب كفروا بالنبيّ ﷺ بعد ما عرفوا نعته عندهم، وبه قال ابن جرير.