والإشارة بقوله :﴿ ذلك ﴾ إلى التوفي المذكور على الصفة المذكورة، وهو مبتدأ وخبر :﴿ بِأَنَّهُمُ اتبعوا مَا أَسْخَطَ الله ﴾، أي : بسبب اتباعهم ما يسخط الله من الكفر والمعاصي، وقيل : كتمانهم ما في التوراة من نعت نبينا ﷺ، والأوّل أولى لما في الصيغة من العموم ﴿ وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ ﴾ أي : كرهوا ما يرضاه الله من الإيمان والتوحيد والطاعة ﴿ فَأَحْبَطَ ﴾ الله ﴿ أعمالهم ﴾ بهذا السبب، والمراد بأعمالهم : الأعمال التي صورتها صورة الطاعة، وإلاّ فلا عمل لكافر، أو ما كانوا قد عملوا من الخير قبل الردّة.
﴿ أَمْ حَسِبَ الذين فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾ يعني : المنافقين المذكورين سابقاً، و " أم " هي المنقطعة، أي : بل أحسب المنافقون ﴿ أَن لَّن يُخْرِجَ الله أضغانهم ﴾ الإخراج بمعنى : الإظهار، والأضغان جمع ضغن، وهو : ما يضمر من المكروه، واختلف في معناه، فقيل : هو الغشّ، وقيل : الحسد وقيل : الحقد.
قال الجوهري : الضغن والضغينة : الحقد، وقال قطرب : هو في الآية العداوة، و " أن " هي المخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن مقدّر.
﴿ وَلَوْ نَشَاء لأريناكهم ﴾ أي : لأعلمناكهم، وعرّفناكهم بأعيانهم معرفة تقوم مقام الرؤية، تقول العرب : سأريك ما أصنع، أي : سأعلمك ﴿ فَلَعَرَفْتَهُم بسيماهم ﴾ أي : بعلامتهم الخاصة بهم التي يتميزون بها.
قال الزجاج : المعنى : لو نشاء لجعلنا على المنافقين علامة، وهي السيما، فلعرفتهم بتلك العلامة، والفاء لترتيب المعرفة على الإرادة، وما بعدها معطوف على جواب " لو "، وكررت في المعطوف للتأكيد، وأما اللام في قوله :﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِى لَحْنِ القول ﴾ فهي جواب قسم محذوف.
قال المفسرون : لحن القول : فحواه ومقصده ومغزاه، وما يعرّضون به من تهجين أمرك وأمر المسلمين، وكان بعد هذا لا يتكلم منافق عنده إلاّ عرفه.