قال ابن إسحاق: قال الزهري: فكلمه رسول الله ( ﷺ ) بنحو مما كلم أصحابه، وأخبره أنه لم يأت يريد حربا. فقام من عند رسول الله ( ﷺ ) وقد رأى ما يصنع به أصحابه: لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه، ولا يبصق بصاقا إلا ابتدروه، ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه. فرجع إلى قريش فقال: يا معشر قريش، إني جئت كسرى في ملكه، وقيصر في ملكه، والنجاشي في ملكه ; وإني والله ما رأيت ملكا في قوم قط مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا. فروا رأيكم.
قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم، أن رسول الله ( ﷺ ) دعا خراش بن أمية الخزاعي فبعثه إلى قريش بمكة، وحمله على بعير له يقال له: الثعلب. ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له. فعقروا به جمل رسول الله ( ﷺ ) وأرادوا قتله، فمنعته الأحابيش، فخلوا سبيله حتى جاء رسول الله ( ﷺ ).
قال ابن إسحاق: وحدثني بعض من لا أتهم، عن عكرمة مولى ابن عباس [ عن ابن عباس ] أن قريشا كانوا بعثوا أربعين رجلا منهم، أو خمسين رجلا، وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله ( ﷺ ) ليصيبوا لهم من أصحابه أحدا. فأخذوا أخذا، فأتي بهم رسول الله ( ﷺ ) فعفا عنهم، وخلى سبيلهم. وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله ( ﷺ ) بالحجارة والنبل.
ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له. فقال: يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي، وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني. وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتيعليها. ولكني أدلك على رجل أعز بها مني. عثمان بن عفان. فدعا رسول الله ( ﷺ ) عثمان ابن عفان، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب، وأنه إنما جاء زائرا لهذا البيت ومعظما لحرمته.


الصفحة التالية
Icon