قال الزهري: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله ( ﷺ ) لأصحابه:" قوموا فانحروا ثم احلقوا " قال: فو الله ما قام منهم رجل، حتى قال ( ﷺ ) ذلك ثلاث مرات. فلما لم يقم منهم أحد دخل - صلى الله عليه وآله وسلم - على أم سلمة - رضي الله عنها - فذكر لها ما لقي من الناس. قالت [ أم سلمة ] - رضي الله عنها -: يا نبي الله، أتحب ذلك ؟ أخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج رسول الله ( ﷺ ) فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك، نحر بيده، ودعا حالقه فحلقه. فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما.
قال ابن إسحاق : فحدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس. قال: حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون. فقال رسول الله ( ﷺ ):" يرحم الله المحلقين ". قالوا: والمقصرين يا رسول الله ؟ قال:" يرحم الله المحلقين ". قالوا: والمقصرين يا رسول الله ؟ قال:" يرحم الله المحلقين ". قالوا: والمقصرين يا رسول الله ؟ قال:" والمقصرين ". فقالوا يا رسول الله، فلم ظاهرت الترحيم للمحلقين دون المقصرين ؟ قال:" لم يشكوا "..
قال الزهري في حديثه.. ثم انصرف رسول الله ( ﷺ ) من وجهه ذلك قافلا. حتى إذا كان بين مكة والمدينة نزلت سورة الفتح.


الصفحة التالية
Icon