قال العباس فجئت الأراك لعلي أجد من يخبر أهل مكة بمكان رسول اللّه ليستأمنوه إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء، فقلت أبا حنظلة : فقال أبا الفضل فقلت نعم، قال ما بالك فداك أبي وأمي ؟ فقلت ويحك يا أبا سفيان جاءك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بما لا قبل لكم به، واللّه ليضربن عنقك، قال فما الحيلة ؟ قلت اركب عجز هذه البغلة حتى آتيك به فاستأمنه لك، فركب، قال العباس فدخلت به على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وقلت هذا أبو سفيان، فجاء عمر وقال دعني أضرب عنقه يا رسول اللّه، فقال له العباس قد أجزته، فقال صلّى اللّه عليه وسلم ويحك يا أبا سفيان، قال بأبي أنت وأمي ما أحلمك يا رسول اللّه وأكرمك، قال ألم يأن لك أن تعلم إني رسول اللّه حقا، وإن اللّه وحده لا شريك له، وإن البعث حق، قال بأبي وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك الرّحم.
أما هذه فإن في النّفس منها حتى الآن شيئا، فقال له العباس قلها قبل أن يضرب عنقك فقالها وأسلم.
ثم قال العباس يا رسول اللّه انه يحب الفخر فاجعل له شيئا قال فليناد عند دخول الجيش المبارك مكة شرفها اللّه من دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أعلق عليه ببابه فهو آمن.
ثم قال يا عباس احبسه بمضيق الوادي حتى يرى جنود اللّه، قال فخرجت به حتى وقفت به حيث أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وصارت تمر القبائل، فجعل يقول كلما تمر واحدة مالي ولهؤلاء! حتى مر رسول اللّه في كتيبته الخضراء، وإنما سميت خضراء لكثرة الحديد فيها فلا يرى منهم إلا الحدق، فقال سبحان اللّه من هؤلاء يا عباس ؟ قلت هذا رسول اللّه في المهاجرين
والأنصار، فقال ما لأحد ولهؤلاء من قبل ولا طاقة، لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما، قلت ويحك إنها النّبوة، قال نعم.


الصفحة التالية
Icon