روى البخاري ومسلم عن أنس، وأخرج الترمذي، عن قتادة عن أنس قال أنزلت على النّبي صلّى اللّه عليه وسلم (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ) إلخ مرجعه من الحديبية، فقال صلّى اللّه عليه وسلم لقد أنزلت علي اللّيلة آية أحب إلي مما في الأرض، ثم قرأ صلّى اللّه عليه وسلم، فقالوا أصحابه هنيئا مريئا
يا رسول اللّه، لقد بين لك ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا فنزلت (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ) وليس المراد نزول السّورة كلها، لأن نزولها كان بعد ذلك كما ذكرنا، وأن المراد بهذه الآية آية المبايعة الآتية وما يتعلق بواقعة الحديبية المارة في الآية ١٠ من سورة الممتحنة بدليل قوله صلّى اللّه عليه وسلم (أنزلت علي اللّيلة آية) ولو كان كذلك لقول سورة لهذا يحتمل أنه سمعها بعد ذلك تدبّر "وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ" وقدم المنافقين هنا وفي أمكنة أخرى، لأنهم أشد بلاء على المؤمنين من الكافرين لاختلاطهم معهم واطلاعهم على أسرارهم باعتبار أنهم مؤمنون ظاهرا لا يحترز منهم، أما الكافرون فيحترز منهم ويتحاشى عن إفشاء السّرّ بينهم لظاهر عداوتهم، ولذلك فإن عذابهم يكون أشدّ من عذاب الكافرين، قال تعالى (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) بعد قوله (إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) كما أشرنا اليه في هاتين الآيتين ١٤٠ و١٤٥ من سورة النّساء المارة، ثم وصفهم بما هم متلبسون به بقوله "الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ" أي بان اللّه لا ينصر رسوله وأصحابه ولا يرجعهم إلى المدينة في غزوتهم هذه "عَلَيْهِمْ" جزاء ظنهم هذا "دائِرَةُ السَّوْءِ"