فيا أكمل الرّسل "قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى " قتال "قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ" وعزم قوي، فإن أطعتم "داعيكم إلى قتالهم كنتم مؤمنين حقا ولكم الأجر من الله
والنّعمة والمغفرة كما سبق من ذنوبكم كلها إلى يوم تلبيتكم هذه الدّعوة، وإذا أعرضتم وثبّتم على نفاقكم فلكم العذاب الأليم على ما اقترفتموه وهؤلاء الّذين ستدعون إلى قتالهم "تُقاتِلُونَهُمْ" فتقتلونهم "أَوْ يُسْلِمُونَ" فيسلمون لكم ويؤمنون باللّه ورسوله ولكم بذلك الثواب الذي ما فوقه ثواب، لا يقاس بكل الغنائم، قال صلّى اللّه عليه وسلم لأن يهدبك اللّه رجلا خير لك من حمر النّعم.
وفي هذه الآية بشارة لتحقيق أحد الأمرين النّصر والظّفر أو الإسلام والإيمان "فَإِنْ تُطِيعُوا" من يدعوكم لقتالهم "يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً لقاء إطاعتكم هذه وكذلك كلّ طاعة لرسولكم وإمامكم وأميركم
يكون لكم فيها الأجر الحسن والثواب الجليل "وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ" عن واقعة الحديبية "يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً" (١٦) لا تطيقه أجسامكم، وهؤلاء القوم الّذين وصفهم اللّه بالحزم البالغ هم هوازن وثقيف لأنهم من أشد العرب بأسا، وقد نزلت هذه الآية فيهم، واللّه أعلم، والدّاعي هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، وهذا التفسير والتأويل أنسب بالمقام لأنه بمعرض الامتحان للمنافقين المذكورين، وان قوله تعالى (لَنْ تَتَّبِعُونا) مقيد بأمرين في غزوة خيبر لما سبق من أن اللّه تعالى خصص غنائمها لأهل الحديبية، واستمرارهم على النّفاق، وعليه فإنهم إذا آمنوا وصدقوا بقلبهم ولسانهم ونصحوا اللّه ورسوله فلا مانع من اتباعهم لحضرة الرّسول في غزواته الأخر.


الصفحة التالية
Icon