وقوله :﴿ ما تقدم من ذنبك وما تأخر ﴾ قال سفيان الثوري :﴿ ما تقدم ﴾ يريد قبل النبوءة. ﴿ وما تأخر ﴾ كل شيء لم تعلمه وهذا ضعيف، وإنما المعنى التشريف بهذا الحكم ولو لم تكن له ذنوب البتة، وأجمع العلماء علىعصمة الأنبياء عليهم السلام من الكبائر ومن الصغائر التي هي رذائل، وجوز بعضهم الصغائر التي ليست برذائل، واختلفوا هل وقع ذلك من محمد عليه السلام أو لم يقع، وحكى الثعلبي عن عطاء الخراساني أنه قال :﴿ ما تقدم ﴾ هو ذنب آدم وحواء، أي ببركتك ﴿ وما تأخر ﴾ هي ذنوب أمتك بدعائك. قال الثعلبي : الإمامية لا تجوز الصغائر على النبي ولا على الإمام، والآية ترد عليهم. وقال بعضهم :﴿ وما تقدم ﴾ هو قوله يوم بدر :" اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد ". ﴿ وما تأخر ﴾ هو قوله يوم حنين :" لن نغلب اليوم من قلة ".
قال القاضي أبو محمد : وإتمام النعمة عليه، هو إظهاره وتغلبه على عدوه والرضوان في الآخرة.
وقوله تعالى :﴿ ويهديك صراطاً مستقيماً ﴾ معناه : إلى صراط، فحذف الجار فتعدى الفعل، وقد يتعدى هذا بغير حرف جر، والنصر العزيز : هو الذي معه غلبة العدو والظهور عليه، والنصر غير العزيز : هو الذي مضمنه الحماية ودفع العدو فقط. وإنزال السكينة في قلوب المؤمنين : وهي فعلية من السكون هو تسكينها لتلك الهدنة مع قريش حتى اطمأنت، وعلموا أن وعد الله على لسان رسوله حق فازدادوا بذلك إيماناً إلى إيمانهم الأول وكثر تصديقهم. قال ابن عباس : لما آمنوا بالتوحيد زادهم العبادات شيئاً شيئاً. فكانوا يزيدون إيماناً حتى قال لهم :﴿ اليوم أكملت لكم دينكم ﴾ [ المائدة : ٣ ] فمنحهم أكمل إيمان أهل السماوات والأرض لا إله إلا الله. وفسر ابن عباس ﴿ السكينة ﴾ بالرحمة.


الصفحة التالية
Icon