ما معنى قوله ﴿وَمَا تَأَخَّرَ﴾ ؟ نقول فيه وجوه أحدها : أنه وعد النبي عليه السلام بأنه لا يذنب بعد النبوة ثانيها : ما تقدم على الفتح، وما تأخر عن الفتح ثالثها : العموم يقال اضرب من لقيت ومن لا تلقاه، مع أن من لا يلقى لا يمكن ضربه إشارة إلى العموم رابعها : من قبل النبوة ومن بعدها، وعلى هذا فما قبل النبوة بالعفو وما بعدها بالعصمة، وفيه وجوه أُخر ساقطة، منها قول بعضهم : ما تقدم من أمر مارية، وما تأخر من أمر زينب، وهو أبعد الوجوه وأسقطها لعدم التئام الكلام، وقوله تعالى :﴿وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ يحتمل وجوهاً : أحدها : هو أن التكاليف عند الفتح تمت حيث وجب الحج، وهو آخر التكاليف، والتكاليف نعم ثانيها : يتم نعمته عليك بإخلاء الأرض لك عن معانديك، فإن يوم الفتح لم يبق للنبي عليه الصلاة والسلام عدو ذو اعتبار، فإن بعضهم كانوا أهلكوا يوم بدر والباقون آمنوا واستأمنوا يوم الفتح ثالثها : ويتم نعمته عليك في الدنيا باستجابة دعائك في طلب الفتح، وفي الآخرة بقول شفاعتك في الذنوب ولو كانت في غاية القبح، وقوله تعالى :﴿وَيَهْدِيَكَ صراطا مُّسْتَقِيماً﴾ يحتمل وجوهاً أظهرها : يديمك على الصراط المستقيم حتى لا يبقى من يلتفت إلى قوله من المضلين، أو ممن يقدر على الإكراه على الكفر، وهذا يوافق قوله تعالى :﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً﴾ [ المائدة : ٣ ] حيث أهلكت المجادلين فيه، وحملتهم على الإيمان وثانيها : أن يقال جعل الفتح سبباً للهداية إلى الصراط المستقيم، لأنه سهل على المؤمنين الجهاد لعلمهم بالفوائد العاجلة بالفتح والآجلة بالوعد، والجهاد سلوك سبيل الله، ولهذا يقال للغازي في سبيل الله مجاهد وثالثها : ما ذكرنا أن المراد التعريف، أي ليعرف أنك على صراط مستقيم، من حيث إن الفتح لا يكون إلا على يد من يكون على صراط الله بدليل حكاية الفيل، وقوله {وَيَنصُرَكَ الله نَصْراً