وملاطفة الخلق ومراقبة الحق هذه الدرجة هي التي يحوم عليها أهل التصوف والعلم الذي يشمرون إليه وهي سكينة للمعاملة التي بينهم وبين الله وبينهم وبين خلقه وتحصل بثلاثة أشياء أحدها: محاسبة النفس حتى تعرف ما لها وما عليها ولا يدعها تسترسل في الحقوق استرسالا فيضيعها ويهملها وأيضا فإن زكاتها وطهارتها موقوف على محاسبتها فلا تزكو ولا تطهر ولا تصلح ألبتة إلا بمحاسبتها قال الحسن رضي الله عنه: إن المؤمن والله لا تراه إلا قائما على نفسه: ما أردت بكلمة كذا ما أردت بأكلة ما أردت بمدخل كذا ومخرج كذا ما أردت بهذا مالي ولهذا والله لا أعود إلى هذا ونحو هذا من الكلام
فبمحاسبتها يطلع على عيوبها ونقائصها فيمكنه السعي في إصلاحها الثاني: ملاطفة الخلق وهي معاملتهم بما يحب أن يعاملوه به من اللطف ولا يعاملهم بالعنف والشدة والغلظة فإن ذلك ينفرهم عنه ويغريهم به ويفسد عليه قلبه وحاله مع الله ووقته فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومودته وإما عدو ومبغض فتطفىء بلطفك جمرته وتستكفى شره ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به الثالث: مراقبة الحق سبحانه وهي الموجبة لكل صلاح وخير عاجل وآجل ولا تصح الدرجتان الأولتان إلا بهذه وهي المقصود لذاته وما قبله وسيلة إليه وعون عليه فمراقبة الحق سبحانه وتعالى: توجب إصلاح النفس واللطف بالخلق

فصل قال: الدرجة الثالثة: السكينة التي تثبت الرضى بالقسم وتمنع من



الصفحة التالية
Icon