يحتمل وجوهاً أحدها : هو ما قال الله إن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية وعاهد بها لا غير وهو الأشهر عند المفسرين، والأظهر نظراً إلى قوله تعالى :﴿كذلكم قَالَ الله مِن قَبْلُ﴾، ثانيها : يريدون أن يبدلوا كلام الله وهو قوله ﴿وَغَضِبَ الله عَلَيْهِمْ﴾ [ الفتح : ٦ ] وذلك لأنهم لو اتبعوكم لكانوا في حكم بيعة أهل الرضوان الموعودين بالغنيمة فيكونون من الذين رضي الله عنهم كما قال تعالى :﴿لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ المؤمنين إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشجرة﴾ [ الفتح : ١٨ ] فلا يكونون من الذين غضب الله عليهم فيلزم تبديل كلام الله ثالثها : هو أن النبي ﷺ لما تخلف القوم أطلعه الله على باطنهم وأظهر له نفاقهم وأنه يريد أن يعاقبهم وقال للنبي ﷺ ﴿فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تقاتلوا مَعِيَ عَدُوّا﴾ [ التوبة : ٨٣ ] فأرادوا أن يبدلوا ذلك الكلام بالخروج معه، لا يقال فالآية التي ذكرتم واردة في غزوة تبوك لا في هذه الواقعة، لأنا نقول قد وجد ههنا بقوله ﴿لَّن تَتَّبِعُونَا﴾ على صيغة النفي بدلاً عن قوله : لا تتبعونا، على صيغة النهي معنى لطيف وهو أن النبي ﷺ بنى على إخبار الله تعالى عنهم النفي لوثوقه وقطعه بصدقه فجزم وقال :﴿لَّن تَتَّبِعُونَا﴾ يعني لو أذنتكم ولو أردتم واخترتم لا يتم لكم ذلك لما أخبر الله تعالى.
ثم قال تعالى :﴿فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا ﴾.


الصفحة التالية
Icon