وقال القرطبى :
﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
أي هو غنيٌّ عن عباده، وإنما ابتلاهم بالتكليف ليثيب من آمن ويعاقب من كفر وعصى.
قوله تعالى :﴿ سَيَقُولُ المخلفون إِذَا انطلقتم إلى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ﴾
يعني مغانم خيبر ؛ لأن الله عز وجل وعد أهل الحديبِية فتح خَيْبَر، وأنها لهم خاصّةً من غاب منهم ومن حضر.
ولم يَغِب منهم عنها غير جابر بن عبد الله فقسم له رسول الله ﷺ كَسَهْمِ مَن حضر.
قال ابن إسحاق : وكان المتولّي للقسمة بخيبر جَبّار بن صخر الأنصاري من بني سلمة، وزيد بن ثابت من بني النجار ؛ كانا حاسبين قاسمين.
﴿ ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ ﴾ أي دعونا.
تقول : ذَرْه، أي دعه.
وهو يَذَرُه، أي يَدَعُه.
وأصله وذِرَه يَذَرُه مثالُ وسِعَه يَسَعُه.
وقد أُمِيت صدره، لا يقال : وذَره ولا واذر، ولكن تركه وهو تارك.
قال مجاهد : تخلفوا عن الخروج إلى مكة، فلما خرج النبي ﷺ وأخذ قوماً ووجّه بهم قالوا ذَرُونا نتّبعكم فنقاتل معكم.
﴿ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ الله ﴾ أي يغيّروا.
قال ابن زيد : هو قوله تعالى :﴿ فاستأذنوك لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً ﴾ [ التوبة : ٨٣ ] الآية.
وأنكر هذا القول الطبري وغيره ؛ بسبب أن غزوة تَبُوك كانت بعد فتح خَيْبَر وبعد فتح مكة.
وقيل : المعنى يريدون أن يغيّروا وعد الله الذي وعد لأهل الحُدَيْبِيَة ؛ وذلك أن الله تعالى جعل لهم غنائم خيبر عِوَضاً عن فتح مكة إذ رجعوا من الحديبية على صلح ؛ قاله مجاهد وقتادة، واختاره الطبري وعليه عامة أهل التأويل.
وقرأ حمزة والكسائي "كَلِمَ" بإسقاط الألف وكسر اللام جمع كلمة ؛ نحو سَلِمة وسَلِم.
الباقون "كَلاَمَ" على المصدر.


الصفحة التالية
Icon