﴿لَّيْسَ عَلَى الأعمى حَرَجٌ﴾ [ النور : ٦١ ] لا يكون للمتولي عذاب أليم، فقال :﴿وَإِن تَتَوَلَّوْاْ كَمَا تَوَلَّيْتُمْ﴾ يعني إن كان توليكم بناء على الظن الفاسد والاعتقاد الباطل كما كان حيث قلتم بألسنتكم لا بقلوبكم ﴿شَغَلَتْنَا أموالنا﴾ [ الفتح : ١١ ] فالله يعذبكم عذاباً أليماً.
لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ
بين من يجوز له التخلف وترك الجهاد وما بسببه يجوز ترك الجهاد وهو ما يمنع من الكر والفر وبين ذلك ببيان ثلاثة أصناف الأول :﴿الأعمى﴾ فإنه لا يمكنه الإقدام على العدو والطلب ولا يمكنه الاحتراز والهرب، والأعرج كذلك والمريض كذلك، وفي معنى الأعرج الأقطع والمقعد، بل ذلك أولى بأن يعذر، ومن به عرج لا يمنعه من الكر والفر لا يعذر، وكذلك المرض القليل الذي لا يمنع من الكر والفر كالطحال والسعال إذ به يضعف وبعض أوجاع المفاصل لا يكون عذراً وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
أن هذه أعذار تكون في نفس المجاهد ولنا أعذار خارجة كالفقر الذي لا يتمكن صاحبه من استصحاب ما يحتاج إليه والاشتغال بمن لولاه لضاع كطفل أو مريض، والأعذار تعلم من الفقه ونحن نبحث فيما يتعلق بالتفسير في بيان مسائل :
المسألة الأولى :
ذكر الأعذار التي في السفر، لأن غيرها ممكن الإزالة بخلاف العرج والعمى.
المسألة الثانية :
اقتصر منها على الأصناف الثلاثة، لأن العذر إما أن يكون بإختلال في عضو أو بإخلال في القوة، والذي بسبب إخلال العضو، فإما أن يكون بسبب اختلال في العضو الذي به الوصول إلى العدو والانتقال في مواضع القتال، أو في العضو الذي تتم به فائدة الحصول في المعركة والوصول، والأول : هو الرجل، والثاني : هو العين، لأن بالرجل يحصل الانتقال، وبالعين يحصل الانتفاع في الطلب والهرب.