وقوله تعالى :﴿ يريدون أن يبدلوا كلام الله ﴾ معناه : يريدون أن يغيروا وعده لأهل الحديبية بغنيمة خيبر. وقال عبد الله بن زيد بن أسلم ﴿ كلام الله ﴾ قوله تعالى :﴿ قل لن تخرجوا معي أبداً ولن تقاتلوا معي عدواً ﴾ [ التوبة : ٨٣ ] وهذا قول ضعيف، لأن هذه الآية نزلت في رجوع رسول الله ﷺ من تبوك، وهذا في آخر عمره، وآية هذه السورة نزلت سنة الحديبية، وأيضاً فقد غزت جهينة ومزينة بعد هذه المدة مع رسول الله ﷺ، وقد فضلهم رسول الله بعد ذلك على تميم وغطفان وغيرهم من العرب، الحديث المشهور فأمره الله تعالى أن يقول لهم في هذه الغزوة إلى خيبر :﴿ لن تتبعونا ﴾ وخص الله بها أهل الحديبية.
وقوله تعالى :﴿ كذلكم قال الله من قبل ﴾ يريد وعده قبل باختصاصهم بها، وقول الأعراب :﴿ بل تحسدوننا ﴾ معناه : بل يعز عليكم أن نصيب مغنماً ومالاً، فرد الله على هذه المقالة بقوله :﴿ بل كانوا لا يفقهون إلا قليلاً ﴾ أي لا يفقهون من الأمور مواضع الرشد، وذلك هو الذي خلفهم عن رسول الله ﷺ حتى كان ذلك سبباً إلى منعهم من غزوة خيبر.
وقرأ أبو حيوة :" تحسِدوننا " بكسر السين. وقرأ الجمهور من القراء :" كلام " قال أبو علي : هو أخص بما كان مفيداً حديثاً. وقرأ الكسائي وحمزة وابن مسعود وطلحة وابن وثاب :" كلم " والمعنى فيهما متقارب.
قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ
أمر الله نبيه عليه السلام بالتقدمة إلى هؤلاء المخلفين بأنهم سيؤمرون بقتال عدو بئيس، وهذا يدل على أنهم كانوا يظهرون الإسلام، وإلا فلم يكونوا أهلاً لهذا الأمر، واختلف الناس من القوم المشار إليهم في قوله :﴿ إلى قوم أولي بأس شديد ﴾ فقال عكرمة وابن جبير وقتادة : هم هوازن ومن حارب رسول الله ﷺ في حنين.


الصفحة التالية
Icon