ثم قال تعالى :﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ والفاء للتعقيب وعلم الله قبل الرضا لأنه علم ما في قلوبهم من الصدق فرضي عنهم فكيف يفهم التعقيب في العلم ؟ نقول قوله ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ متعلق بقوله ﴿إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشجرة﴾ كما يقول القائل فرحت أمس إذ كلمت زيداً فقام إليّ، أو إذ دخلت عليه فأكرمني، فيكون الفرح بعد الإكرام ترتيباً كذلك، ههنا قال تعالى :﴿لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ المؤمنين إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشجرة فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ﴾ من الصدق إشارة إلى أن الرضا لم يكن عند المبايعة فحسب، بل عند المبايعة التي كان معها علم الله بصدقهم، والفاء في قوله ﴿فَأنزَلَ السكينة عَلَيْهِمْ﴾ للتعقيب الذي ذكرته فإنه تعالى رضي عنهم فأنزل السكينة عليهم، وفي علم بيان وصف المبايعة بكونها معقبة بالعلم بالصدق الذي في قلوبهم وهذا توفيق لا يتأتى إلا لمن هداه الله تعالى إلى معاني كتابه الكريم وقوله تعالى :﴿وأثابهم فَتْحاً قَرِيباً﴾ هو فتح خيبر ﴿وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا﴾ مغانمها وقيل مغانم هجر ﴿وَكَانَ الله عَزِيزاً﴾ كامل القدرة غنياً عن إعانتكم إياه ﴿حَكِيماً﴾ حيث جعل هلاك أعدائه على أيديكم ليثيبكم عليه أو لأن في ذلك إعزاز قوم وإذلال آخرين، فإنه يذل من يشاء بعزته ويعز من يشاء بحكمته.
وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢٠)


الصفحة التالية
Icon