قيل غنيمة هوازن، وقيل غنائم فارس والروم وذكر الزمخشري في أخرى ثلاثة أوجه أن تكون منصوبة بفعل مضمر يفسره ﴿قَدْ أَحَاطَ﴾ و ﴿لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا﴾ صفة لأخرى كأنه يقول وغنيمة أخرى غير مقدورة ﴿قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا﴾ ثانيها : أن تكون مرفوعة، وخبرها ﴿قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا﴾ وحسن جعلها مبتدأ مع كونه نكرة لكونها موصوفة بلم تقدروا وثالثها : الجر بإضمار رب ويحتمل أن يقال منصوبة بالعطف على منصوب وفيه وجهان أحدهما : كأنه تعالى قال :﴿فَعَجَّلَ لَكُمْ هذه﴾ وأخرى ما قدرتم عليها وهذا ضعيف لأن أخرى لم يعجل بها وثانيهما : على مغانم كثيرة تأخذونها، وأخرى أي وعدكم الله أخرى، وحينئذ كأنه قال : وعدكم الله مغانم تأخذونها ومغانم لا تأخذونها أنتم ولا تقدرون عليها، وإنما يأخذها من يجيء بعدكم من المؤمنين وعلى هذا تبين لقول الفرّاء حسن، وذلك لأنه فسر قوله تعالى :﴿قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا﴾ أي حفظها للمؤمنين لا يجري عليها هلاك إلى أن يأخذها المسلمون كإحاطة الحراس بالخزائن.
وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٢٢)
وهو يصلح جواباً لمن يقول : كف الأيدي عنهم كان أمراً اتفاقياً، ولو اجتمع عليهم العرب كما عزموا لمنعوهم من فتح خيبر واغتنام غنائمها، فقال ليس كذلك، بل سواء قاتلوا أو لم يقاتلوا لا ينصرون، والغلبة واقعة للمسلمين، فليس أمرهم أمراً اتفاقياً، بل هو إلهي محكوم به محتوم.
وقوله تعالى :﴿ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ﴾.
قد ذكرنا مراراً أن دفع الضرر عن الشخص إما أن يكون بولي ينفع باللطف، أو بنصير يدفع بالعنف، وليس للذين كفروا شيء من ذلك، وفي قوله تعالى :﴿ثُمَّ﴾ لطيفة وهي أن من يولي دبره يطلب الخلاص من القتل بالالتحاق بما ينجيه، فقال وليس إذا ولوا الأدبار يتخلصون، بل بعد التولي الهلاك لاحق بهم.