وأمر والمشهور ما أشرنا إليه أولاً ﴿ بالحق ﴾ صفة لمصدر محذوف أي صدقاً ملتبساً بالحق أي بالفرض الصحيح والحكمة البالغة وهو ظهور حال المتزلزل في الإيمان والراسخ فيه، ولأجل ذلك أخر وقوع الرؤيا إلى العام القابل أو حال من الرؤيا أي ملتبسة بالحق ليست من قبيل أضغاث الأحلام، وجوز كونه حالاً من الاسم الجليل وكونه حالاً من ﴿ رَسُولِهِ ﴾ وكونه ظرفاً لغواً لصدق وكونه قسماً بالحق الذي هو من أسمائه عز وجل أو بنقيض الباطل، وقوله تعالى :﴿ لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام ﴾ عليه جواب القسم والوقف على ﴿ الرءيا ﴾ وهو على جميع ما تقدم جواب قسم مقدر والوقف على ﴿ الحق ﴾ أي والله لتدخلن الخ، وقوله سبحانه :﴿ إِن شَاء الله ﴾ تعليق للعدة بالمشيئة لتعليم العباد، وبه ينحل ما يقال : إنه تعالى خالق للأشياء كلها وعالم بها قبل وقوعها فكيف وقع التعليق منه سبحانه بالمشيئة، وفي معنى ما ذكر قول ثعلب : استثنى سبحانه وتعالى فيما يعلم ليستثني الخلق فيما لا يعلمون.
وفيه تعريض بأن وقوع الدخول من مشيئته تعالى لا من جلادتهم وتدبيرهم، وذكر الخفاجي أنه قد وضع فيه الظاهر موضع الضمير وأصله لتدخلنه لا محالة إلا إن شاء عدم الدخول فهو وعد لهم عدل به عن ظاهره لأجل التعريض بهم والإنكار على المعترضين على الرؤيا فيكون من باب الكناية انتهى.
وقد أجيب عن السؤال بغير ذلك فقيل : الشك راجع إلى المخاطبين، وفيه شيء ستعلمه قريباً إن شاء الله تعالى ؛ وقال الحسين بن الفضل : إن التعليق راجع إلى دخولهم جميعاً وحكى ذلك عن الجبائي، وقيل : إنه ناظر إلى الأمن فهو مقدم من تأخير أي لتدخلنه حال كونكم ﴿ ءامِنِينَ ﴾ من العدو إن شاء الله.