ولما بين شرط استحقاقهم للعذاب، بين وقته، وفيه بيان لعلته، فقال :﴿إذ﴾ أي حين ﴿جعل الذين كفروا﴾ أي ستروا ما تراءى من الحق في مرأى عقولهم ﴿في قلوبهم﴾ أي قلوب أنفسهم ﴿الحمية﴾ أي المنع الشديد والأنفة والإباء الذي هو في شدة حره ونفوذه في أشد الأجسام كالسم والنار، ولما كان مثل هذه الحمية قد تكون موجبة للرحمة بأن تكون لله، قال مبيناً معظماً لجرمها، ﴿حمية الجاهلية﴾ التي مدارها مطلق المنع أي سواء كان بحق أو بباطل، فتمنع من الإذعان للحق، ومبناها التشفي على مقتضى الغضب لغير الله فتوجب تخطي حدود الشرع، ولذلك أنفوا من دخول المسلمين مكة المشرفة لزيارة البيت العتيق الذي الناس فيه سواء، ومن الإقرار بالبسملة، فأنتجت لهم هذه الحمية أن تكبروا عن كلمة التقوى وطاشوا وخفوا إلى الشرك الذي هو أبطل الباطل.


الصفحة التالية