المغرب، ثم عادت كأنها شجرة على كل ورقة منها في نور وإذا أهل المشرق والمغرب يتعلقون بها فقصها. فعبّرت له بمولود يكون من صلبه يتبعه أهل المشرق والمغرب، ويحمده أهل السماء والأرض، فلذلك سماه محمدا، مع ما حدثته آمنة به [١].
وقال أبو القاسم السهيليّ [٢] : لا يعرف في العرب من تسمى بهذا الاسم قبله صلّى الله عليه وسلّم إلا ثلاثة طمع آباؤهم حيث سمعوا بذكر محمد وبقرب زمانه وأنه يبعث بالحجاز، أن يكون ولدا لهم، ذكرهم ابن فورك في كتاب الفصول، وهم : محمد ابن سفيان بن مجاشع جد [٣] الفرزدق الشاعر، والآخر : محمد بن أحيحة بن الجلاح ابن الحريش بن جمحي بن كلفة بن عوف بن عمرو بن مالك بن الأوس، والآخر :
محمد بن حمران بن ربيعة.
وكان آباؤهم الثلاثة قد وفدوا على بعض الملوك، وكان عنده علم من الكتاب الأول، فأخبرهم بمبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم وباسمه، وكان كل واحد منهم قد خلّف امرأته حاملا، فنذر كل واحد منهم : إن ولد له ذكر أن يسميه محمدا، ففعلوا ذلك.
وذكر القاضي عياض : من تسمي بمحمد في الجاهلية فبلغوا ستة، ثم قال في هذين الاسمين من عجائب خصائصه وبدائع آياته شيء آخر، هو أن الله جلّ اسمه حمى أن يسمّى بهما أحد قبل زمانه، أما أحمد الّذي أتى في الكتاب وبشرت به الأنبياء. فمنع الله تعالى بحكمته أن يسمّى به أحد غيره، ولا يدعى به مدعو قبله، حتى لا يدخل لبس على ضعيف القلب، أو شك [٤].
وكذلك محمد أيضا لم يسمّ به أحد من العرب ولا غيرهم إلى أن شاع قبيل وجوده صلّى الله عليه وسلّم وميلاده، أن نبيا يبعث اسمه محمد، فسمّى قوم قليل من العرب أبناءهم بذلك، رجاء أن يكون أحدهم هو، والله أعلم حيث يجعل رسالته، وهم : محمد بن أحيحة بن الجلاح الأوسي، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، ومحمد بن برّاء البكري، ومحمد بن سفيان بن مجاشع، ومحمد بن حمران الجعفي، ومحمد
[١] (الروض الأنف) ج ١ ص ١٨٢ «مع ما حدثته به أمه حين قيل لها : إنك حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وضعتيه فسميه محمد».
[٢] (المرجع السابق) ج ١ ص ١٨٢.
[٣] في (خ) «جد الفرزدق» وما أثبتناه من (السهيليّ) ج ١ ص ١٨٢.
[٤] (الشفاء للقاضي عياض) ج ١ ص ١٤٥.