وقوله تعالى :﴿ ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل ﴾ الآية، المثل هنا الوصف أو الصفة. وقال بعض المتأولين : التقدير الأمر ﴿ ذلك ﴾ وتم الكلام. ثم قال :﴿ مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع ﴾. وقال مجاهد وجماعة من المتأولين : المعنى ﴿ ذلك ﴾ الوصف هو ﴿ مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل ﴾ وتم القول، و: ﴿ كزرع ﴾ ابتداء تمثيل يختص بالقرآن. وقال الطبري وحكاه عن الضحاك المعنى :﴿ ذلك ﴾ الوصف هو ﴿ مثلهم في التوراة ﴾ وتم القول، ثم ابتدأ ﴿ ومثلهم في الإنجيل كزرع ﴾. وقال آخرون : المثلان جميعاً هي في التوراة وهي في الإنجيل.
وقوله تعالى :﴿ كزرع ﴾، هو على كل الأقوال وفي أي كتاب منزل : فرض مثل للنبي ﷺ وأصحابه، في أن النبي ﷺ بعث وحده، فكان كالزرع حبة واحدة، ثم كثر المسلمون فهم كالشطء : وهو فراخ السنبلة التي تنبت حول الأصل، يقال : أشطأت الشجرة إذا خرجت غصونها، وأشطأ الزرع : إذا خرج شطأه.
وقرأ ابن كثير وابن ذكوان عن ابن عامر :" شَطأ " بفتح الطاء والهمز دون مد، وقرأ الباقون بسكون الطاء، وقرأ عيسى بن عمر :" شطاه " بفتح الطاء دون همز، وقرأ أبو جعفر :" شطه " رمى بالهمزة وفتح الطاء، ورويت عن نافع وشيبة. وروي عن عيسى :" شطاءه " بالمد والهمز، وقرأ الجحدري :" شطوه " بالواو. قال أبو الفتح هي لغة أو بدل من الهمزة، ولا يكون الشطو إلا في البر والشعير، وهذه كلها لغات. وحكى النقاش عن ابن عباس أنه قال : الزرع : النبي ﷺ، ﴿ فآزره ﴾. علي بن أبي طالب رضي الله عنه ﴿ فاستغلظ ﴾ بأبي بكر، ﴿ فاستوى على سوقه ﴾ : بعمر بن الخطاب.
وقوله تعالى :﴿ فآزره ﴾ وزنه : أفعله، أبو الحسن ورجحه أبو علي. وقرأ ابن ذكوان عن ابن عامر :" فأزره " على وزن : فعله دون مد، ولذلك كله معنيان : أحدهما ساواه طولاً، ومنه قول امرئ القيس :[ الطويل ]


الصفحة التالية
Icon