وهذا القول لا يخرج التعليق عن كونه معلقاً على واجب، لأن الدخول والأمن أخبر بهما تعالى، ووقعت الثقة بالأمرين وهما الدخول والأمن الذي هو قيد في الدخول.
و﴿ آمنين ﴾ : حال مقارنة للدخول.
ومحلقين ومقصرين : حال مقدرة ؛ ولا تخافون : بيان لكمال الأمن بعد تمام الحج.
ولما نزلت هذه الآية علم المسلمون أنهم يدخلونها فيما يستأنف، واطمأنت قلوبهم ودخلوها معه عليه الصلاة والسلام في ذي القعدة سنة سبع وذلك ثلاثة أيام هو وأصحابه، وصدقت رؤياه ( ﷺ ).
﴿ فعلم ما لم تعلموا ﴾ : أي ما قدره من ظهور الإسلام في تلك المدة، ودخول الناس فيه، وما كان أيضاً بمكة من المؤمنين الذين دفع الله بهم، قاله ابن عطية.
وقال الزمخشري : فعلم ما لم تعلموا من الحكمة والصواب في تأخير فتح مكة إلى العام القابل. انتهى.
ولم يكن فتح مكة في العالم القابل، إنما كان بعد ذلك بأكثر من عام، لأن الفتح إنما كان ثمان من الهجرة.
﴿ فجعل من دون ذلك ﴾ : أي من قبل ذلك، أي من زمان دون ذلك الزمان الذي وعدوا فيه بالدخول.
فتحاً قريباً، قال كثير من الصحابة : هذا الفتح القريب هو بيعة الرضوان.
وقال مجاهد وابن إسحاق : هو فتح الحديبية.
وقال ابن زيد : خيبر، وضعف قول من قال إنه فتح مكة، لأن فتح مكة لم يكن دون دخول الرسول ( ﷺ ) وأصحابه مكة، بل كان بعد ذلك.
﴿ هو الذي أرسل رسوله ﴾ : فيه تأكيد لصدق رؤياه ( ﷺ )، وتبشير بفتح مكة لقوله تعالى :﴿ ليظهره على الدين كله ﴾، وتقدم الكلام على معظم هذه الآية.
﴿ وكفى بالله شهيداً ﴾ على أن ما وعده كائن.
وعن الحسن : شهيداً على نفسه أنه سيظهر دينك.
والظاهر أن قوله :﴿ محمد رسول الله ﴾ مبتدأ وخبر.
وقيل : رسوله الله صفة.
وقال الزمخشري : عطف بيان، ﴿ والذين ﴾ معطوف، والخبر عنه وعنهم أشداء.