* ت * : ووصف تعالى الصحابة بأَنَّهُمْ رحماء بينهم، وقد جاءت أحاديثُ صحيحةٌ في تراحم المؤمنين ؛ حدثنا الشيخ وليُّ الدين العراقيُّ بسنده عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاصي أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قال :" الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرحمن ؛ ارْحَمُوا مَنْ في الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ " وأخرج الترمذيُّ من طريق أبي هريرة عن النبي ﷺ أَنَّهُ قال :" لاَ تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إلاَّ مِنْ [ قَلْبٍ ] شَقِيٍّ " وخَرَّجَ عن جرير بن عبد اللَّه قال : قال رسول اللَّه ﷺ :" مَنْ لاَ يَرْحَمِ النَّاسَ، لاَ يَرْحَمْهُ اللَّهُ " قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح، وهذا الحديث خَرَّجه مسلم عن جرير، وخَرَّجَ مسلم أيضاً من طريق أبي هريرةَ :" مَنْ لاَ يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ " انتهى، وبالجملة : فأسباب الألفة والتراحم بين المؤمنين كثيرةٌ، ولو بأَنْ تَلْقَى أخاك بوجه طَلْقٍ، وكذلك بَذْلُ السلام وَطيِّبُ الكلام، فالمُوَفَّقُ لا يحتقر من المعروف شيئاً، وقد روى الترمذي الحكيم في كتاب «ختم الأولياء» له بسنده عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه قال : سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول :" إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ كَان أَحَبَّهُمَا إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَحْسَنُهُمَا بِشْراً بِصَاحِبِهِ " أوْ قَالَ :" أَكْثَرُهُمَا [ بِشْراً ] بِصَاحِبِهِ، فَإذَا تَصَافَحَا، أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، تِسْعُونَ مِنْهَا لِلَّذِي بَدَأَ، وَعَشَرَةٌ لِلَّذِي صُوفِحَ " انتهى.
وقوله :﴿ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً ﴾ أي : ترى هاتين الحالتين كثيراً فيهم و ﴿ يَبْتَغُونَ ﴾ : معناه : يطلبون.


الصفحة التالية
Icon