و﴿ أَشِدَّاء ﴾ جمع شديد و﴿ رُحَمَاء ﴾ جمع رحيم، والمعنى أن فيهم غلظة وشدة على أعداء الدين ورحمة ورقة على إخوانهم المؤمنين، وفي وصفهم بالرحمة بعد وصفهم بالشدة تكميل واحتراس فإنه لو اكتفى بالوصف الأول لربما توهم أن مفعوم القيد غير معتبر فيتوهم الفظاظة والغلظة مطلقاً فدفع بأرداف الوصف الثاني، ومآل ذلك أنهم مع كونهم أشداء على الأعداء رحماء على الإخوان، ونحوه قوله تعالى :﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين ﴾ [ المائدة : ٥٤ ] وعلى هذا قوله :
حليم إذا ما الحلم زين أهله...
على أنه عند العدو مهيب
وقد بلغ كما روى عن الحسن من تشددهم على الكفار أنهم كانوا يتحرزون من ثيابهم أن تلزق بثيابهم ومن أبدانهم أن تمس أبدان وبلغ من ترحمهم فيما بينهم أنه كان لا يرى مؤمن مؤمناً إلا صافحه وعانقه.
والمصافحة لم يختلف فيها الفقهاء.
أخرج أبو داود عن البراء قال :" قال رسول الله ﷺ : إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمداً الله واستغفراه غفر لهما " وفي رواية الترمذي " ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان ألا غفر لهما قبل أن يتفرقان "