ومن باب الاشارة في بعض الآيات :﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً ﴾ [ الفتح : ١ ] يشير عندهم إلى فتح مكة العماء بادخال الأعيان الثابتة ظاهره بنور الوجود فيها أي اظهارها للعيان لأجله عليه الصلاة والسلام على أن لام ﴿ لَكَ ﴾ للتعليل، وحاصله أظهرنا العالم لأجلك وهو في معنى ما يروونه من قوله سبحانه :﴿ لولاك لولاك ما خلقت إلا فلان ﴾ وقيل : يشير إلى فتح باب قلبه عليه الصلاة والسلام إلى حضرة ربوبيته عز وجل بتجلي صفات جماله وجلاله وفتح ما انغلق على جميع القلوب من الأسرار وتفصيل شرائع الإسلام وغير ذلك من فتوحات قلبه ﷺ ﴿ أمثالكم إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً لّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ ليستر وجودك في جميع الأزمنة بوجوده جل وعلا ﴿ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ﴾ بإثبات جميع حسنات العالم في صحيفتك إذ كنت العلة في إظهاره ﴿ وَيَهْدِيَكَ صراطا مُّسْتَقِيماً ﴾ [ الفتح : ٢ ] بدعوة الخلق على وجه الجمع والفرق ﴿ وَيَنصُرَكَ الله ﴾ على النفوس الأمارة ممن تدعوهم إلى الحق ﴿ نَصْراً عَزِيزاً ﴾ [ الفتح : ٣ ] قلما يشبهه نصر، ومن هنا كان ﷺ أكثر الأنبياء عليهم السلام تبعاً، وكان علماء أمته كأنبياء بني إسرائيل إلى غير ذلك مما حصل لأمته بواسطة تربيته على الصلاة والسلام لهم وإفاضة الأنوار والأسرار على نفوسهم وأزواجهم، والمراد ليجمع لك هذه الأمور فلا تغفل ﴿ هُوَ الذى أَنزَلَ السكينة فِى قُلُوبِ المؤمنين ﴾ فسروها بشيء يجمع نوراً وقوة وروحاً بحيث يسكن إليه ويتسلى به الحزين والضجر ويحدث عنده القيام بالخدمة ومحاسبة النفس وملاطفة الخلق ومراقبة الحق والرضا بالقسم والمنع من الشطح الفاحش، وقالوا : لا تنزل السكينة إلا في قلب نبي أو ولى