قوله تعالى :﴿ مَثَلُهُمْ فِي التوراة وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فاستغلظ فاستوى على سُوقِهِ يُعْجِبُ الزراع ﴾.
قرأ هذا الحرف ابن كثير وابن ذكوان وابن عامر شطأه بفتح الطاء، والباقون من السبعة بسكون الطاء.
وقرأ عامة السبعة غير ابن ذكوان : فآزره بألف بعد الهمزة.
وقرأه ابن ذكوان عن عامر فأزره بلا ألف بعد الهمزة مجرداً.
وقرأ عامة السبعة غير قنبل على سوقه بواو ساكنة بعد السين.
وقرأه قنبل عن ابن كثير بهمزة ساكنة بدلاً من الواو وعنه ضم الهمزة بعد السين بعدها واو ساكنة.
وهذه الآية الكريمة قد بين الله فيها أنه ضرب المثل في الإنجيل للنبي ﷺ وأصحابه بأنهم كالزرع يظهر في أول نباته رقيقاً ضعيفاً متفرقاً، ثم ينبت بعضه حول بعض، ويغلظ ويتكامل حتى يقوى ويشتد وتعجب جودته أصحاب الزراعة، العارفين بها، فكذلك النبي ﷺ وأصحابه كانوا في أول الإسلام في قولة وضعف ثم لم يزالوا يكثرون ويزدادون قوة حتى بلغوا ما بلغوا.
وقوله تعالى :﴿ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَه ﴾ أي فراخه فنبت في جوانبه. وقوله ﴿ فَآزَرَه ﴾ على قراءة الجمهور من المؤازرة، بمعنى المعاونة والتقوية، وقال بعض العلماء :﴿ فَآزَرَه ﴾ أي ساواه في الطول، وبكل واحد من المعنيين فسر قول امرئ القيس :
بمحنية قد آزر الصال نبتها... مجر جيوش غانمين وخيب
وأما على قراءة ابن ذكوان ﴿ فَآزَرَه ﴾ بلا ألف، فالمعنى شد أزره أي قواه.
ومنه قوله تعالى عن موسى ﴿ واجعل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشدد بِهِ أَزْرِي ﴾ [ طه : ٢٩ - ٣١ ] الآية. وقوله، ﴿ فاستغلظ ﴾ أي صار ذلك الزرع غليظاً بعد أن كان رقيقاً، وقوله :﴿ فاستوى ﴾ أي استتم وتكامل على سوقه أي على قصبه.