وجه الكلام أن تضم الحاءَ والجيم، وبعض العرب يقول: الْحُجَرات والرُّكَبات وكل جمع كأن يقال في ثلاثةٍ إلى عشرةٍ: غرف، وحجر، فإذا جمعته بالتاء نصبت ثانية، فالرفع [/ب] أجودُ من ذلك.
وقوله: ﴿أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ...﴾.
أتاه وفد بنى تميم فى الظهيرة، وَهو راقد صلى الله عليه، فجعلوا ينادون: يا محمد، اخرج إلينا، فاستيقظ فخرج، فنزل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ الْحُجُرَاتِ﴾ إلى آخر الآية، وَأذِن بعد ذلك لهم ؛ فقام شاعرهم، وشاعر المسلمين، وخطيب منهم، وخطيب المسلمين، فعلت أصواتهم بالتفاخر، فأنزل الله جل وَعز فيه: ﴿لاَ تَرْفَعُواْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾.
﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيبُواْ قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾
وقوله: ﴿ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتثَبّتُوا...﴾.
قراءة أصحاب عبدالله، ورأيتها فى مصحف عبدالله بالثاء، وَقراءة الناس: (فَتَبَيَّنُوا) وَمعناهما متقارب ؛ لأن قوله: (فَتَبَيَّنُوا) أمهلوا حتى تعرفوا، وَهذا معنى تثبتوا. وَإنما كان ذلك أن النبى صلى الله عليه بعث عاملاً على بنى المصطلق ليأخذ صدقاتهم، فلما توجه إليهم تلقوه ليعظموه، فظن أنهم يريدون قتاله، فرجع إلى النبى صلى الله عليه فقال: إِنهم قاتلونى، وَمنعونى أداء ما عليهم فبينما هم كذلك وقد غضب النبى صلى الله عليه قدم عليه وَفد بنى المصطلق فقالوا: أردنا تعظيم رسول رسول الله، وَأداء الحق إِليه، فاتهمهم رسول الله صلى الله عليه وَلم يصدقهم ؛ فأنزل الله: "ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَثَبّتُوا" إلى أخر الآية، وَالآية التى بعدها.