فنقيدوا بهذه الآداب ولا تخطرها لتكونوا على بصيرة من أمركم لقاء نبيكم، لأن هذه الآية تشير إلى ذم من يصدر منهم مثل ذلك، كما أن قوله جل قوله "إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى " تفيد المدح لمن يغض صوته ويخضع له هؤلاء الّذين اختبرهم اللّه بذلك قد هيأ أفئدتهم لتقراه وجعلها مخلصة له موقنة به "لَهُمْ مَغْفِرَةٌ" لذنوبهم وستر لعيوبهم "وَأَجْرٌ عَظِيمٌ" (٣) عند ربهم.
مطلب في خطيب وشاعر بني تميم وما رد عليهما خطيب وشاعر حضرة الرّسول وفي سرية عتبة الفزاري وسرية الوليد بن عقبة :
قال جابر : إن سبب نزول هذه الآيات هو لما جاء بنو تميم نادوا يا محمد أخرج إلينا، فإن مدحنا زين وذمنا شين، فقال صلّى اللّه عليه وسلم إنما ذلكم اللّه الذي مدحه زين وذمه شين، فقالوا جئنا نشاعرك ونفاخرك، قال لا بالشعر ولا بالفخر أمرت، ولكن هاتوا، فقام منهم عطاء بن حاجب فذكر فضله وفضل قومه، فقال صلّى اللّه عليه وسلم لخطيه ثابت بن قيس أجبه، فأجابه بما أسكته وفند قوله وأثبت أنهم دون ذلك بكثير، ولم يزل به حتى أفحمه وعرّفه أنه دون ما قال، ثم قام شاعرهم الزرقاوي وأنشد بإطراء قومه فقال :
أتيناك كيما يعرف النّاس فضلنا إذا خالفونا عند ذكر المكارم
وإن رءوس النّاس من كلّ معشر وأن ليس في أرض الحجاز كدارم
وإن لنا المرياع في كلّ غارة تكون بنجد أو بأرض التهائم
ولما انتهى أمر صلّى اللّه عليه وسلم شاعره حسانا أن يجيب شاعرهم، فقال :
بني دارم لا تفخروا إن فخركم بصير وبالا عند ذكر المكارم
هبلتم علينا تفخرون وأنتم لنا خول من بين ظئر وخادم


الصفحة التالية
Icon