قال تعالى "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ" أي خبر سوء وهو المراد به هنا ويكون في الخير كما يكون في الشّر راجع الآية ٩٤ من سورة النّساء المارة "فَتَبَيَّنُوا" أطلبوا البيان لذلك الأمر المخبر به ذلك الفاسق واستكشفوا حقيقته ولا تعتمدوا على قوله فتقعوا في الخطأ إذا نفذتم ما يقتضي لذلك الخبر، فإياكم أن تعجلوا في إنفاذه واحذروا عاقبته من "أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ" فتضروهم قبل أن تقفوا على جلية أمرهم لما يلحقكم من الغضب الموجب للمسارعة بالانتقام فتندموا من حيث لا ينفع النّدم "فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ" (٦) إذ يتبين خطأكم.
وسبب نزول هذه الآية أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن
أبي معيط إلى بني المصطلق بعد واقعتهم الملح إليها في الآية ٨ من سورة المنافقين المارة، لأخذ صدقاتهم، وكان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية، فخرجوا لملاقاته تعظيما لأمر الرّسول، فحدثته نفسه أنهم يريدون قتله، فرجع وقال يا رسول اللّه أرادوا قتلي، فغضب رسول اللّه وهمّ بغزوهم، ثم أنهم لمّا رأوا رسول اللّه رجع دون أن يصل إليهم أو يكلمهم، فطنوا لما كان بينه وبينهم من العداوة فأتوا المدينة، وقالوا يا رسول اللّه سمعنا بقدوم رسولك فخرجنا نتلقاه إكراما لك فبدا له الرّجوع قبل أن يلقانا، وإنا نعوذ باللّه من غضبه وغضبك، فلما سمع قولهم و