قال تعالى "فَكَرِهْتُمُوهُ" كما كرهتم هذا فاجتنبوا ذكره بالسوء "وَاتَّقُوا اللَّهَ" فلا تغتابوا أحدا بما يكره، ولا تجسسوا عليه، ولا تظنوا فيه سوء، وإن ما وقع منكم قبل صدور هذا النّهي توبوا منه ولا تعودوا إليه "إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ" على من تاب يقبل توبته ويعفو عنه "رَحِيمٌ" (١٢) بعباده يبين لهم مضارهم ومنافعهم ويرشدهم إلى ما فيه خيرهم.
قيل إن رجلين من الأصحاب أرسلا سلمان الفارسي إلى حضرة الرّسول ليطلب لهم
طعاما فأرسله الرّسول إلى خادمه أسامة بن زيد، فذهب فقال ما عندي ؟ فرجع سلمان وأخبرهما فقالا بخل أسامة، ثم أرسلاه لمكان آخر فلم يأتيهما بشيء، فقالا لو بعثناه إلى بئر معونة لغار ماؤها، فانطلقا يتجسسان على أسامة هل عنده شيء أم لا، فلما جاءا إلى رسول اللّه قال لهما مالي أرى خضرة اللّحم في أفواهكما ؟
قالا يا رسول اللّه ما تناولنا يومنا هذا لحما، قال ظللتما تأكلون لحم سلمان وأسامة، فأنزل اللّه هذه الآية.
وهي عامة لم تقيدها هذه الرّواية ولم يخصصها شيء غيرهما، وباق لحكمها ما بقيت الدّنيا.
وإنما مثل تعالى باللحم وخصه بالأخ ليكون آكد في المنع والكراهية، لأن العدو قد يحمله الحق على أكل لحم عدوه كما فعلت هند بحمزة رضي اللّه عنه، ويكون اللّحم على أكل لحم عدوه كما فعلت هند بحمزة رضي اللّه عنه، ويكون اللّحم ميتا لأنه أبلغ في الزجر لأن النّفس مهما كانت مضطرة لا تميل إليه بخلاف المذبوح.