ومنهم من جعل هذا الاختلاف بالتعبير فقط، وهو أن تعلم أن بين العام والخاص فرقا، فالإيمان لا يحصل إلّا بالقلب، والإسلام الذي هو الانقياد قد يحصل بالقلب وقد يحصل باللسان، وعليه فإن الإسلام أعم والإيمان أخص، لأن العام في صورة الخاص متحد مع الخاص ولا يكون أمرا غيره، فالعام والخاص مختلفان في العموم والخصوص، متحدان في الوجود، فذلك المؤمن والمسلم.
هذا، وإن البغاة المار ذكرهم في الآيتين ٩ و١٠ المارتين الّذين قال فيهم العلماء إن البغي لا يزيل اسم الإيمان، لأن اللّه تعالى سماهم مؤمنين مع كونهم باغين، يدل على هذا ما روي عن علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه وهو القدوة في قتال أهل البغي، وقد سئل عن أهل الجمل وصفين المشركون هم فقال لا، إنهم من الشّرك فرّوا، فقيل أمنافقون هم ؟ فقال لا، إن المنافقين لا يذكرون اللّه إلّا قليلا (أي وهؤلاء يكثرون من ذكر اللّه تعالى) فقيل ما هم إذا قال إخواننا بغوا علينا.
والباغي في الشرع هو الخارج على الإمام العدل، فإذا اجتمعت طائفة لهم قوة ومنعة فامتنعوا عن طاعة الإمام العدل بتأويل محتمل ونصبوا لهم، إماما يرجعون اليه مع وجود
الإمام الذي خرجوا عن طاعته فالحكم فيهم هو ما تقدم آخر الآية العاشرة المارة ص ٤٢٥ فراجعها تقف على ما تريد مما يجب أن يعاملوا به مما هو موافق للشرع الاسلامي.
هذا واللّه أعلم، وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم، وصلّى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدّين، وعلى من تبعهم بإحسان والحمد للّه رب العالمين. أ هـ ﴿بيان المعاني حـ ٦ صـ ٢١٤ ـ ٢٣١﴾